أفلا قعد في بيت أبيه وبيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفسي بيده لا يأخذ منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته: إما بعير له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر. " ثم رفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه، فقال: اللهم هل بلغت؟ " (1) وروى نحو ذلك مسلم في صحيحة. (2) أقول: الرغاء: صوت الإبل، واليعار: صوت الشاة. وهذا الحديث ونحوه إخطار تهديد بالنسبة إلى من يستفيد من موقعيته الاجتماعية والسياسية استفادة شخصية ويزعم أنها محللة له.
وفي الأموال لأبي عبيد بسنده، قال:
" كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدى بن أرطاة: " أن ضع عن الناس الفدية، وضع عن الناس المائدة، وضع عن الناس المكس وليس بالمكس، ولكنه البخس الذي قال الله - تعالى -: " ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تعثوا في الأرض مفسدين " فمن جاءك بصدقة فاقبلها منه، ومن لم يأتك بها فالله حسيبه. " (3) فيظهر من هذه الروايات أن الإجحاف والاعتداء على الناس في أخذ الصدقات كان متعارفا في تلك الأعصار. والناس عبيد الدنيا إلا من عصم الله، ولعل الأمر بقتل العاشر فيما مر من حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضا كان يراد به قتل من بلغ منهم حد الإفساد. وأما من يطمئن من نفسه بالاحتياط والتقوى ورعاية حال الضعفاء فتصديه لجباية الصدقات الأموال الشرعية والضرائب يكون مرغوبا فيه شرعا بل ربما يجب مع التعين.
وفي خراج أبي يوسف بسنده عن رافع بن خديج، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" العامل على الصدقة بالحق كالغازي في سبيل الله. " (4) ورواه الحاكم في المستدرك بسنده، عن رافع، عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وزاد في آخره: " حتى