وهل يملك الكافر بالإحياء في حال الغيبة؟ وجدت في بعض الحواشي المنسوبة إلى شيخنا الشهيد على القواعد في بحث الأنفال من الخمس أنه يملك به ويحرم انتزاعه منه، وهو محتمل. ويدل عليه أن المخالف والكافر يملكان في زمان الغيبة حقهم من الغنيمة لا يجوز انتزاعه من يد من هو في يده إلا برضاه، وكذا القول في حقهم (عليه السلام) من الخمس عند من لا يرى إخراجه، بل حق باقي أصناف المستحقين للخمس لشبهة اعتقاد حل ذلك، فالأرض الموات أولى. ومن ثم لا يجوز انتزاع أرض الخراج من المخالف الكافر. ولا يجوز أخذ الخراج والمقاسمة إلا بأمر سلطان الجور، وهذه الأمور متفق عليها. ولو باع أحد أرض الخراج صح باعتبار ما ملك فيها وإن كان كافرا، وحينئذ فيجري العمومات مثل قوله (عليه السلام): " من أحيا أرضا ميتة فهي له " على ظاهرها في حال الغيبة، ويقصر التخصيص على حال ظهور الإمام (عليه السلام) فيكون أقرب إلى الحمل على ظاهرها.
وهذا متجه قوى متين. " (1) أقول: مضافا إلى امكان منع بعض ما ذكره هذان العلمان، ومنع كون جميع هذه الأمور متفقا عليها، يرد عليهما: أولا: أنه قد مر منا اشتراط الإحياء بالإذن مطلقا ولو في عصر الغيبة، فإنه مقتضى كون الأنفال للإمام وعدم جواز التصرف فيما للغير إلا بإذنه. نعم، يكفي الإذن العام كما ادعي ذلك مستندا إلى أخبار التحليل أو أخبار الإحياء أو السيرة المستمرة مع عدم الردع.
وثانيا: أن الأنفال ومنها الأرض الموات ليست ملكا لشخص الإمام المعصوم على ما هو الظاهر من كلماتهم، بل هي أموال عامة خلقها الله - تعالى - للأنام إلى يوم القيام عليها تدور رحى معاشهم ومعادهم، غاية الأمر أنها جعلت تحت اختيار الإمام بما أنه سائس المسلمين دفعا للاستبداد والظلم والخصام، وليس عصر الغيبة عصر الهرج المرج شرعا ولا تتعطل فيه وظائف الإمامة، فلا محالة يتصدى لها من وجد فيه شرائط الحكم، ويكون لهم من الاختيارات في شؤون الحكم ما كان للأئمة