وجميع أخبار التحليل وردت عن الإمامين الهمامين: الباقر والصادق - عليهما السلام - إلا صحيحة علي بن مهزيار عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) والتوقيع المروي عن صاحب الزمان (عليه السلام)، لكن مورد الأول خصوص صورة الإعواز: قال ابن مهزيار:
قرأت في كتاب لأبي جعفر (عليه السلام) إلى رجل يسأله أن يجعله في حل من مأكله ومشربه من الخمس فكتب (عليه السلام) بخطه: " من أعوزه شيء من حقي فهو في حل. " (1) فهذه الصحيحة بنفسها شاهدة على أن البناء والعمل في عصر الإمام الجواد (عليه السلام) كان على أداء الخمس ولذا استحل الرجل لنفسه فيعلم بذلك أن أخبار التحليل الصادرة عن الصادقين (عليهما السلام) بكثرتها لم تكن بإطلاقها موردا للعمل في ذلك العصر.
وفي التوقيع يوجد نحو إجمال لاحتمال كون اللام في قوله: " وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجعلوا منه في حل إلى وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث " (2) للعهد لا للاستغراق فتكون إشارة إلى سؤال السائل وهو غير معلوم، فلعله كان في مورد خاص كما يشهد بذلك تعليله بطيب الولادة.
وقد وردت في قبال أخبار التحليل أخبار كثيرة دالة على وجوب الخمس ظاهرة في بيان الحكم الفعلي وأن الأئمة (عليهم السلام) كانوا يطالبونه ويعينون وكلاء لأخذه وأكثرها صادرة عن الأئمة المتأخرين عن الصادقين كما يظهر لمن راجع أخبار خمس أرباح المكاسب، (3) فلا يبقى مجال لأخبار التحليل الصادرة عنهما.
وبعضها صادرة عن الإمام الصادق (عليه السلام) أيضا كقوله: " إني لآخذ من أحدكم الدرهم إني لمن أكثر أهل المدينة مالا ما أريد بذلك إلا أن تطهروا. " (4) وقوله (عليه السلام): " خذ مال الناصب حيثما وجدته وادفع إلينا الخمس. " (5) وصحيحة الحلبي عنه (عليه السلام) في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم ويكون