وأما التفسير الثالث للمتاجر، أعني ما يشترى ممن لا يعتقد الخمس فيدل على تحليله مضافا إلى إطلاق الخبرين، استقرار السيرة على معاشرة الشيعة للكفار وأهل الخلاف المعاملة معهم حتى في أعصار الأئمة (عليهم السلام) مع عدم التزامهم بخمس الأرباح نحوها ولزوم الحرج الشديد لو بني على التحريم ووجوب التخميس لما وصل إلى أيدي الشيعة من قبلهم، ويظهر من لحن أخبار التحليل برمتها إشفاق الأئمة (عليهم السلام) ورأفتهم بالنسبة إلى شيعتهم وكونهم بصدد تسهيل الأمر عليهم حين استيلاء الدول الجابرة عليهم وابتلائهم بالمعاملة معهم ومع أتباعهم وأشياعهم، فتتبع.
وأما التفسير الرابع للمتاجر، أعني ما يشترى ممن لا يخمس ولكنه يعتقده، فيظهر من تفسير السرائر للمتاجر شمول التحليل له أيضا، قال فيه:
" والمراد بالمتاجر أن يشتري الإنسان مما فيه حقوقهم ويتجر في ذلك، ولا يتوهم متوهم أنه إذا ربح في ذلك المتجر شيئا لا يخرج منه الخمس، فليحصل ما قلناه فربما اشتبه. " (1) وقال في الروضة في تفسيرها:
" الشراء ممن لا يعتقد الخمس أو ممن لا يخمس. " (2) وأفتى بذلك بعض المتأخرين أيضا.
ويمكن أن يستدل لذلك بإطلاق خبري يونس والحارث وبلزوم الحرج الشديد أيضا لو بني على التحريم لعدم التزام أكثر الشيعة عملا بتخميس الأرباح وغيرها، فلو بني على عدم المعاملة معهم أو تخميس ما وصل إلينا من قبلهم لوقعت الشيعة المتعبدون الملتزمون في الحرج الشديد، ومذاق أئمتنا (عليهم السلام) وسيرتهم كان على تسهيل الأمور لشيعتهم الملتزمين كما يشهد بذلك لسان أخبار التحليل بكثرتها. هذا.