" لا يقبل من عربي جزية، وإن لم يسلموا جوهدوا " (1).
ولكن هذا الخبر مع كونه مرسلا غير مذكور في كتب المشايخ، يمكن توجيهه بأن الجزية لا تؤخذ من العرب لأنها لم تشرع إلا بعد فتح الجزيرة ودخول عامة العرب في الإسلام، فلم يبق فيهم بعد ذلك من يقاتل ولا من تضرب عليه الجزية، نعم من خرج بعد ذلك عن الإسلام منهم، فتجري عليه أحكام المرتد، ومنها عدم قبول الجزية منه ونحن لا ننكر ذلك.
وأما العامة، فاختلفوا في ذلك، فعن بعضهم كأبي حنيفة وأحمد ومالك في رواية عنهما القول بالعدم مستدلا بوجوه:
1 - أن العرب رهط النبي صلى الله عليه وآله فلا يقرون على غير دينه (2).
2 - ما في مسند أحمد والترمذي عن ابن عباس قال: مرض أبو طالب، فجاءته قريش، وجاءه النبي صلى الله عليه وآله وشكوه إلى أبي طالب، فقال: يا بن أخي ما تريد من قومك؟ قال: أريد منهم كلمة تدين لهم بها العرب، وتؤدى إليهم بها العجم الجزية. قال: كلمة واحدة؟ قال: كلمة واحدة، لا إله إلا الله الحديث (3).
وأجاب ابن حزم عن الحديث بعدم دلالته على المطلوب لأنهم لا يختلفون في أن أهل الكتاب من العرب يؤدون الجزية وأن من أسلم من العجم لا يؤدون الجزية، فصح أن هذا الخبر ليس على عمومه وأنه عليه السلام إنما عنى بأداء الجزية بعض العجم لا كلهم (4).
3 - لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله أخذه الجزية من عبدة الأوثان من العرب.
وأجيب بأن عدم أخذها منهم ليس لأنهم غير أهل لها، وإنما لأن الجزية لم تكن شرعت بعد، فإنها شرعت بعد فتح مكة وحينئذ كان العرب قد اعتنقوا الإسلام ولم يبق منهم محارب حتى تؤخذ منه الجزية، ومن ارتد بعد ذلك، فليس له