تشريع الجزية، وقلنا: إن المتعين منها الوجه الخامس، وقد عرفت أدلتها.
وأما العامة فهم أيضا استدلوا بوجوه نذكر أهمها:
1 - أن الله تعالى أوجب الجزية على من هو من أهل القتال لقوله - سبحانه -:
قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر الآية (1).
والمقاتلة مفاعلة من القتال، فتستدعي أهلية القتال من الجانبين، فلا تجب على من ليس من هو من أهل القتال، وهؤلاء ليسوا من أهله، فلا تجب عليهم.
أقول: هذا الاستدلال وجيه ويؤيده خبر حفص بن غياث الذي تمسك به الأصحاب.
2 - قول النبي صلى الله عليه وآله لمعاذ: (خذ من كل حالم دينارا) دليل على أنها لا تجب على غير بالغ (2).
وقد عرفت ما في هذا الاستدلال من الخدشة.
3 - أن عمر كتب إلى أمراء الأجناد، أن يضربوا الجزية، ولا يضربوها على النساء والصبيان (3).
وأما ابن الحزم الذي خالف القوم وذهب إلى عدم سقوط الجزية عن النساء، فاستدل على قوله ببعض أخبارهم.
منها: ما عن سلمة بن مسروق قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وآله معاذ بن جبل إلى اليمن وأمره أن يأخذ من كل حالم وحالمة من أهل الذمة دينارا، أو قيمته من المعافر) (4).
ومنها ما عن عبد الرزاق عن ابن جريح، قال: في كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أهل يمن: " من كره الإسلام من يهودي، أو نصراني، فإنه لا يحول عن دينه، وعليه