تنوخ ومهرا، فصارت القبايل الثلاثة من أهل الكتاب، فيؤخذ منهم الجزية كافة كما تؤخذ من غيرهم، وبه قال علي عليه السلام وعمر بن عبد العزيز، لأنهم أهل كتاب، فيدخلون تحت عموم الأمر بأخذ الجزية من أهل الكتاب. وقال أبو حنيفة:
لا تؤخذ منهم الجزية بل تؤخذ منهم الصدقة مضاعفة، فيؤخذ من كل خمس من الإبل شاتان ويؤخذ من كل عشرين دينارا دينار، ومن كل مأتي درهم عشرة دراهم، ومن كل ما يجب فيه نصف العشر، العشر، وما يجب فيه العشر، الخمس، وبه قال الشافعي وابن أبي ليلى والحسن بن صالح بن حي وأحمد بن حنبل) (1).
وفي المغني لابن قدامة: (بنو تغلب بن وائل من العرب من ربيعة بن نزار، انقلبوا في الجاهلية إلى النصرانية، فدعاهم عمر إلى بذل الجزية، فأبوا وأنفوا، وقالوا: نحن عرب خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض باسم الصدقة، فقال عمر: لا آخذ من مشرك صدقة، فلحق بعضهم بالروم، فقال النعمان بن زرعة:
يا أمير المؤمنين! إن القوم لهم بأس وشدة، وهم عرب يأنفون من الجزية، فلا تعن عليك عدوك بهم، وخذ منهم الجزية باسم الصدقة، فبعث عمر في طلبهم فزدهم وضعف عليهم من الإبل من كل خمس شاتين، ومن كل ثلاثين بقرة تبيعين، ومن كل عشرين دينارا دينارا، ومن كل مأتي درهم عشرة دراهم، وفيما سقت السماء الخمس، وفيما سقى بنضح أو غرب أو دولاب العشر، فاستقر ذلك من قول عمر، ولم يخالفه أحد من الصحابة، فصار اجماعا. وقال به الفقهاء بعد الصحابة، منهم ابن أبي ليلى والحسن بن صالح، وأبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي، ويروى عن عمر بن عبد العزيز أنه أبى على نصارى بني تغلب إلا الجزية، وقال: لا والله إلا الجزية، وإلا فقد آذنتكم بالحرب. - إلى أن قال ابن قدامة: - والعمل على الأول لما ذكرنا من الاجماع) (2).
ولاحظ العلامة عليهم بما حاصله: قضية عمر حكاية حال لا عموم لها،