قبول الجزية منهم، بل ربما يتوهم منه أن المجوس أيضا، لا يقبل منهم الجزية وإن عرفت الحاقهم بأهل الكتاب في هذا الحكم.
والحاصل أن المستفاد من كثير من الآيات والروايات، أن المقصود الأصيل والغرض النهائي للإسلام رفع علم التوحيد وبسط العدالة في جميع أقطار الأرض، وهدم مظاهر الكفر والشرك بألوانها بالتبليغ والدعوة أولا والقتال ثانيا.
فكان العدول من القتال إلى قبول الجزية يكون خلاف القاعدة، يحتاج في كل صنف من الكفار إلى دليل بخصوصه، ولم يثبت إلا في الموارد التي عرفت.
نعم روى أبو البختري عن جعفر عن أبيه قال: قال علي عليه السلام:
(القتال قتالان: قتال أهل الشرك لا ينفر عنهم حتى يسلموا أو يؤتوا الجزية عن يد وهم صاغرون. وقتال لأهل الزيغ لا ينفر عنهم حتى يفيئوا إلى أمر الله أو يقتلوا) (1).
وفي كتاب (الغارات) عن الحارث بن كعب عن أبيه، قال: (بعث علي عليه السلام محمد بن أبي بكر أميرا على مثر فكتب إلى علي عليه السلام يسأله عن رجل مسلم فجر بامرأة نصرانية وعن زنادقة فيهم من يعبد الشمس والقمر، وفيهم من يعبد غير ذلك، وفيهم مرتد عن الإسلام، وكتب يسأله من مكاتب مات وترك مالا وولدا.
فكتب إليه علي عليه السلام: أن أقم الحد على المسلم الذي فجر بالنصرانية، وادفع النصرانية إلى النصارى يقضون فيها ما شاؤوا، وأمره في الزنادقة أن يقتل من كان يدعي الإسلام، ويترك سائرهم يعبدون ما شاؤوا. الحديث) (2).
هذان الخبران وما أشبهما أوقعت بعض المحققين في الشبهة حيث قال:
(وكيف كان فالحكم بوجوب قتل من لم يسلم من غير أهل الكتاب بنحو الاطلاق مشكل بل ممنوع). وقال أيضا:
" ولا أظن أن يلتزم أحد بوجوب قتل ما يقرب من نصف سكان الأرض أعني