ولكن الظاهران مراده من المشركين، أهل الذمة، بقرينة قوله: " بدلا عن الجزية " المستفاد منه أن كلامه في من يكون قبول الجزية منهم مفروغا عنه، وإنما للإمام أخذ الخراج بدلا عنها للمصلحة.
وأما العامة، فقد اختلفوا في المسألة اختلافا فاحشا.
ففي (الأموال) لأبي عبيد: (تتابعت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وآله والخلفاء بعده في العرب من أهل الشرك: إن من كان منهم ليس من أهل الكتاب، فإنه لا يقبل منهم إلا الإسلام، أو القتل، كما قال الحسن، وأما العجم فتقبل منهم الجزية وإن لم يكونوا أهل كتاب، للسنة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وآله في المجوس وليسوا بأهل كتاب، وقبلت بعده من الصابئين فأمر المسلمين على هذين الحكمين من العرب والعجم، وبذلك جاء التأويل أيضا مع السنة) (1).
وفي (الخراج) لأبي يوسف: (وجميع أهل الشرك من المجوس وعبدة الأوثان وعبدة النيران والحجارة والصابئين والسامرة تؤخذ منهم الجزية ما خلا أهل الردة من أهل الإسلام وأهل الأوثان من العرب، فإن الحكم فيهم أن يعرض عليهم الإسلام، فإن أسلموا، وإلا قتل الرجال منهم وسبي النساء والصبيان) (2).
وقال الشافعي: (ولم أعلم ممن سلف من المسلمين أحدا أجاز أن تؤخذ الجزية من غير أهل الكتاب) (3).
وفي (بداية المجتهد) لابن رشد: (واختلفوا فيما سوى أهل الكتاب من المشركين هل تقبل منهم الجزية أم لا؟ فقال قوم: تؤخذ الجزية من كل مشرك وبه قال مالك " (4).