إلى مأمنه، فإن اختار الذمة، عقدت له، وإلا ألحق بمأمنه، وهو قول الشافعي " (1).
وذهبوا إلى ذلك لوجوه غير تامة:
1 - أن العقد يكون مع سادتهم فيدخل فيه سائرهم.
2 - أنه عقد عهد مع الكفار، فلم يحتج إلى استئنافه لذلك كالهدنة.
3 - أن الصغار والمجانين دخلوا في العقد، فلم يحتج إلى تجديده لهم عند تغير أحوالهم كغيرهم.
4 - أنه عقد دخلوا فيه فيلزمهم بعد البلوغ والإفاقة كالإسلام.
وضعف هذه الوجوه ظاهرة بعد التأمل فيما ذكرناه في وجه كلام الأصحاب مضافا إلى أن الوجه الأول أشبه بالمصادرة كوجهي الثالث والرابع، مع وجود فرق واضح بين عقدي الجزية والهدنة، فإن الجزية ضريبة مالية تلاحظ فيها مؤنة إدارة الذميين بحسب الزمان والمكان وهذا بخلاف عقد الهدنة وأن تلاحظ فيه أيضا مصلحة المسلمين.
ثم لو بلغ سفيها على وجه يحجر عليه في المال واختاره عقد الجزية، صح اختياره، وليس للولي المنع، لا لأن الحجر لا يتعلق بحقن دمه وإباحته كما عن بعضهم، فإن حكمة تشريع الجزية ليست ذلك، بل لأن الحاكم الإسلامي يأخذها ليصرفها في حسن إدارته وتأمين أمنيته وسائر مصالحه التي تتوقف تحصيلها على أخذ هذه الضريبة، ومن الواضح أن هذا لا يتوقف على جلب نظر الولي.
نعم لو ضرب الحاكم قدرا معينا من الجزية عليه، ولكن دفع الصبي أكثر منه فللولي حينئذ المنع ووجهه واضح.
وقد اتضح بما ذكرنا ضعف ما في الجواهر من عدم نفوذ عقد الجزية إلا بإذن الولي قائلا بكونه عقدا بمال، والغرض الحجر عليه فيه (2).