" المولود إذا بلغ في دار الإسلام وأبواه كافران، نظر فإن كانا من أهل الذمة أو أحدهما يخالف الآخر في دينه فإنه يستأنف عقد الجزية والأمان، ولا يحمل على جزية أبيه فيقال له: أنت بالخيار بين أن يعقد أمانا على جزية ينفق عليها أو ينصرف إلى دار الحرب، فإن انصرف إلى دار الحرب، فلا كلام وإن رضي بعقد الجزية عقد معه على ما يراه في الحال، ولا اعتبار بجزية أبيه لأن له حكم نفسه...
وأما أن كان أحد الأبوين يقر على دينه ببذل الجزية والآخر لا يقر مثل أن يكون وثني وكتابي أو مجوسي، الحق بأبيه، وإن كان وثنيا لم تقبل منه الجزية، وإن كان كتابيا أو مجوسيا أخذ من الابن الجزية) (1).
وفي الشرائع: (وكل من بلغ من صبيانهم يؤمر بالإسلام، أو ببذل الجزية، فإن امتنع، صار حربيا) (2).
وقال العلامة: (يسقط الجزية عن الصبي فإذا بلغ طولب بالإسلام أو بذل الجزية فإن امتنع منهما صار حربا فإن اختار الجزية عقدها الإمام بحسب ما يراه، ولا اعتبار بجزية أبيه ولو كان الصبي ابن عابد وثن وبلغ طولب بالإسلام خاصة فإن امتنع صار حربا) (3). ووجه فتوى الأصحاب بلزوم استئناف العقد أن الأب لم يعقد عقد الذمة إلا لنفسه وإنما دخل أولاده الصغار في عقده لصغرهم وكونهم تابعين له، فإذا زال هذا المقتضي للدخول، فلا محيص عن الاستئناف.
ويؤيد ذلك ما ذكرناه في حكمة أخذ الجزية من أنها تؤخذ لتصرف في مصالح أهل الذمة وحسن ادارتهم، ولا شبهة في أن مؤنة ذلك تختلف باختلاف الصغر والكبر، وهذا يناسب استيناف العقد وملاحظة المقتضيات الحديثة.
وأما العامة فالمشهور بينهم خلاف ذلك. قال في المغني: (ومن بلغ من أولاد أهل الذمة، أو أفاق من مجانينهم، فهو من أهلها بالعقد الأول، لا يحتاج إلى استئناف عقد له، وقال القاضي في موضع: هو مخير بين التزام العقد وبين أن يرد