علم الآن أن ذلك قد صار لها وقتا وخلقا معروفا " مما يؤيد ما ذكرنا، لأن التكرر المطلق لا يوجب العلم بالخلق المعروف إلا بقرائن وخصوصيات مقرونة به، وهي موجودة بالنسبة إلى المبتدئة، وأما من كانت لها عادة مستمرة أو انحراف مستمر فالخروج عن عادتها وانحرافها لا يحصل بدفعتين أو ثلاث، فإذا فرق بين المبتدئة الواردة فيها الروايتان وذات العادة العرفية أو الانحراف العادي المستمر، فلا يمكن إلغاء الخصوصية من الروايتين، فلا بد في زوال العادة من الرجوع إلى العرف بحصول كرات ومرات.
قلت: هذا غاية ما يمكن أن يقال لمنع إلغاء الخصوصية، ولو كان الدعوى إسراء الحكم لمحض ارتكاز العرف وإلغاء الخصوصية كان لما ذكر وجه وجيه، بل لو كان المستند هو الفهم العرفي كما استندوا إليه كان رفع اليد عن الشهرين الهلاليين و إسراء الحكم إلى الشهر الحيضي أو أكثر من الشهرين في غاية الاشكال، لأن للشهرين المتصلين أيضا خصوصية ليست لغيرهما من الأقل والأكثر، ضرورة أن نوعية عادات النساء إنما هي الرؤية في كل شهر مرة لا مرتين ولا التأخير عن الشهر، فإذا للرؤية مرتين في شهرين على النظم خصوصية وهي الغلبة والعادة، والخروج عنها نوع انحراف عن الطبيعة، ولذا تكون المرتان من الطبيعة السليمة الغير المنحرفة كاشفتين عن الخلق والعادة دون المرتين من غيرها. لكن العمدة هو تمسك أبي عبد الله عليه السلام بقول رسول الله صلى الله عليه وآله " دعي الصلاة أيام أقرائك " وقوله عليه السلام " أدناه حيضتان " والظاهر منه أن لا خصوصية للموضوع إلا ذلك، وأن الحيضتين تمام الموضوع، ولو كانت الخصوصيات الأخر دخيلة في الحكم كان عليه بيانها، خصوصا في المورد مما يغفل العامة عن الخصوصيات الخفية المربوطة بما في الأرحام. فقوله عليه السلام " وإنما جعل الوقت إن توالى عليه حيضتان أو ثلاث لقول رسول الله صلى الله عليه وآله - الخ - " يدل على أن الوجه هو قوله صلى الله عليه وآله من غير مدخل لشئ آخر خصوصا بناء على دلالة كلمة " إنما " على الحصر ومع إنكارها يكفي الاطلاق في مقام البيان، ولا مجال للتشكيكات العلمية الخارجة عن أفهام العامة، وإلا لا نسد باب التمسك بالاطلاق في كثير من الموارد.