ومما استدل به لمذهب صاحب الحدائق رواية محمد بن مسلم المتقدمة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أقل ما يكون من الحيض ثلاثة، وإذا رأت الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الأولى، وإذا رأته بعد عشرة أيام فهو من حيضة أخرى مستقبلة. (1) و قريب منها روايته الصحيحة الأخرى ورواية عبد الرحمان بن أبي عبد الله المتقدمتان.
والتقريب فيها أن الظاهر منها أن العشرة المذكورة فيها عشرة واحدة جعل لرؤية الدم قبلها وبعدها حكم، ولا إشكال في أن مبدأ العشرة في الفقرة الثانية هو أول الطهر وإلا لزم كون الدم حيضة مستقبلة قبل عشرة الطهر وهو خلاف الاجماع والنص، فلا محالة يكون مبدأ العشرة في الأولى أيضا هو الطهر، فحينئذ إن جعل النقاء المتخلل حيضا يصير أكثر الحيض أكثر من عشرة أيام، وهو أيضا خلاف الاجماع والنص، فلا بد من جعله طهرا، وبه يتم المطلوب وهو عدم توالي عشرة أيام الحيض، بل وتتم دعوى أخرى، وهي كون الطهر أقل من العشرة إذا كان في خلال الحيضة الواحدة.
وفيه أنه لا إشكال في لزوم ارتكاب خلاف ظاهر في المقام، فلا بد من عرض الأخبار الواردة على العرف حتى نرى أن ارتكاب أي خلاف ظاهر أوهن، وتوضيحه أن ههنا طوائف من الروايات: إحديها الروايات الكثيرة القائلة بأن أقل ما يكون الحيض ثلاثة وأكثره عشرة الظاهرة في التوالي، وهذه الروايات بإطلاقها تدل على أن العشرة حد للأكثر سواء استمر الدم أو تخلل نقاء في البين، ولازمه كون النقاء حيضا، والطائفة الثانية ما دلت على أن أقل الطهر عشرة أيام كمرسلة يونس وغيرها، والطائفة الثالثة تلك الروايات المتقدمة الظاهرة في كون العشرة واحدة، واستفاد صاحب الحدائق منها أن النقاء المتخلل طهر ولا يشترط التوالي في العشرة جمعا بينها.
ولنا أن نقول مع قطع النظر عن فتاوي الأصحاب وعدم الاعتناء بالشهرة و