ومنها روايات محمد بن مسلم المتقدمتان حيث جعل فيهما الدم بعد الانقطاع من الحيضة الأولى إذا رأت قبل عشرة أيام، فتدلان على أن النقاء ليس بحيض. ومثلهما رواية عبد الرحمان بن أبي عبد الله. والجواب عنهما بما تقدم من أن الظاهر من قوله " من الحيضة الأولى " أن الحيضة مستمرة من مبدأ الدم الأول إلى الدم الثاني وإلا كان حيضا مستقلا، فلا يصدق كونه من الأولى بلا تجوز واعتبار وحدة تأولا إلا ببقاء الأولى واستمراره، فيكون النقاء وجودا بقائيا لها فيكون حيضا. مضافا إلى أن تلك الروايات كما تقدم إنما تكون بصدد بيان أمر آخر، ولا تكون بصدد بيان حال الطهر فلا دلالة لها على مذهب صاحب الحدائق. هذا مع الغض عن سند رواية عبد الرحمان وإحدى روايتي ابن مسلم وإجمال الأخرى.
ومنها رواية داود مولى أبي المغرا عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال:
قلت له: المرأة يكون حيضها سبعة أيام أو ثمانية أيام، حيضها دائم مستقيم، ثم تحيض ثلاثة أيام، ثم ينقطع عنها الدم وترى البياض لا صفرة ولا دما، قال: تغتسل وتصلي، قلت، تغتسل وتصلي وتصوم ثم يعود الدم، قال: إذا رأت الدم أمسكت عن الصلاة والصيام، قلت: فإنها ترى الدم يوما وتطهر يوما، قال: فقال: إذا رأت الدم أمسكت وإذا رأت الطهر صلت، فإذا مضت أيام حيضها واستمر بها الطهر صلت، فإذا رأت الدم فهي مستحاضة، قد انتظمت لك أمرها كله. (1) حيث أمرها بالغسل والصلاة والصيام في أيام النقاء فتكون طهرا حقيقة، وأيضا لم يأمرها بقضاء الصوم، مع أن قضاءه لازم على الحائض، فتدل على أن النقاء طهر.
وفيه أن عدم الأمر بقضاء الصوم إنما هو لعدم كونه في مقام بيانه، ولا يجب بيان جميع الأحكام المرتبطة بالحيض في رواية واحدة، وأما الأمر بالصلاة والصيام فيمكن أن يكون احتياطا واستظهارا كما هو متكرر في أبواب الدماء من الأمر بالترك أو الفعل للاستظهار حتى مع وجود الأصل المنقح، فلا تدل على تحقق الطهر الحقيقي ولا كون الدم حيضا. كما لا محيص عن حمل صحيحتي يونس بن يعقوب وأبي