بصير على ذلك، ففي الأولى: قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: المرأة ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة أيام، قال: تدع الصلاة، قلت: فإنها ترى الطهر ثلاثة أيام أو أربعة، قال: تصلي، قلت: فإنها ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة، قال: تدع الصلاة تصنع ما بينها وبين شهر، فإن انقطع عنها الدم وإلا فهي بمنزلة المستحاضة. (1) ضرورة أن الحمل على الحيض والطهر في جميع الأيام إلى شهر مما لا يمكن، للزوم كون الطهر بين الحيضتين المستقلتين أقل من عشرة إذا كان كل دم حيضا مستقلا، و كون الحيض الواحد أكثر من عشرة إذا كانت الدماء حيضة واحدة، فلا محالة تحمل على الأمر بالاحتياط وترجيح جانب الحيض في أيام الدم وجانب الطهر في أيام النقاء كما صنع العلمان الشيخ والمحقق، وعليه يحمل فتوى من أفتى بمضمونهما.
ومنها صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يكون القرء في أقل من عشرة أيام فما زاد، وأقل ما يكون عشرة من حين تطهر إلى أن ترى الدم (2). فقد يتمسك بها للفريقين بدعوى أن القرء هو الطهر بين الحيضتين المستقلتين كما تدل عليه صحيحتا زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: القرء ما بين الحيضتين. (3) فاختصاص القرء بالذكر لكون الطهر أعم، وهو لا يكون عشرة أيام، مع ظهور قوله " أقل ما يكون عشرة من حين تطهر إلى أن ترى الدم " في طهرها من الحيض إلى رؤية الدم من الحيضة المستقبلة.
وفيه ما لا يخفى، فإن القرء على ما صرح به أئمة اللغة هو الطهر ضد الحيض ولم أر في ما عندي من كتب اللغة وكلام شراح الحديث والمفسرين التفسير بما بين الحيضتين إلا عبارة من الصدوق في الفقيه وما في الصحاح عن الأخفش عن بعضهم، وإلا فكلماتهم متطابقة على أن القرء هو الطهر والحيض وهو من " الأضداد " وعن الأخفش أنه انقضاء الحيض. والظاهر أن كلام الصدوق تبع للرواية لا نقل للغة. وأما الروايات