مطلقا مما لا ينكر، وكذا لزوم التوالي في كل مصداق واحد من الحيض كان الأقل أو الأكثر أو الأوسط، بالتقريب المتقدم. فلا بد لرفع اليد عن هذا الظهور المستقر والدليل المتبع من دليل، وإلا كان هو المتبع.
واستند صاحب الحدائق لمقالته بروايات منها ذيل مرسلة يونس القصيرة، و هو قوله (فإذا حاضت المرأة وكان حيضها خمسة أيام ثم انقطع الدم اغتسلت وصلت، فإن رأت بعد ذلك الدم ولم يتم لها من يوم طهرت عشرة أيام فذلك من الحيض تدع الصلاة، وإن رأت الدم من أول ما رأت الثاني الذي رأته تمام العشرة أيام ودام عليها عدت من أول ما رأت الدم الأول والثاني، عشرة أيام، ثم هي مستحاضة) (1) والتقريب فيها من وجهين: أحدهما قوله " فإن رأت بعد ذلك الدم ولم يتم لها من يوم طهرت عشرة أيام فذلك من الحيض " حيث جعل مبدأ الحساب من الطهر، فإذا رأت خمسة وطهرت خمسة ثم رأت خمسة، فالخمستان الحاشيتان من الحيض لرؤيتها قبل مضي عشرة أيام من الطهر، ولا يتم ذلك إلا بعدم اعتبار التوالي. وثانيهما قوله " وإن رأت الدم من أول ما رأت الثاني - إلخ - " حيث جعل عد الدمين ميزانا للعشرة لا من مبدأ الدم الأول إلى عشرة أيام حتى يكون النقاء داخلا في الحساب، وهو لا يتم إلا بعدم اعتبار التوالي.
وفي الوجهين نظر، حاصله أن صدر المرسلة ظاهر بل صريح في أن مبدأ حساب عشرة أيام من أول رؤية الدم يوما أو يومين، وأن كل دم رأت في العشرة التي مبدأها ذلك هو من الحيض، ومع عدم الرؤية فيها ليس اليوم واليومان من الحيض، بل إما من قرحة أو غيرها، ويجب عليها قضاء الصلاة، فيكون مبدأ الحساب بحسب الصدر هو أول رؤية الدم، فحينئذ يكون قوله (إذا رأت خمسة أيام) إما من أمثلة ما ذكر في الصدر وإنما أعاد مثالا آخر للتوضيح، أو فرضا آخر حكمه غير الفرض الأول فيستفاد منها التفصيل بين رؤية الدم يوما أو يومين وبين خمسة أيام مثلا، أو كان الفرض الأول لغير ذات العادة بخلاف الثاني، وهذان التفصيلان مما لا قائل بهما