بمقدار يوم في الليل أو ملفقا يرى نفسه عاملا بالخطاب، وقد يرى لليوم دخلا تقويميا للحكم وموضوعه. ولا يبعد أن يكون النزح متراوحا من قبيل الأول، فإن العرف يرى أن تمام الموضوع لتطهير البئر أو تنظيفه هو اخراج الماء بهذا المقدار من الزمان تراوحا، ولا يرى لليوم دخلا في الحكم، بل يكون ذكره لمجرد التقدير، فالنزح في الليل بمقدار يوم إلى الليل عمل بالنص عرفا.
فحينئذ يقع الكلام في أن المقام من قبيل ذلك وإنما جئ بثلاثة أيام لمجرد تقدير مقدار خروج الدم من غير مدخل لليوم فيه بحيث لو رأت مقدار ثلاثة أيام أي ست وثلاثين ساعة من أول الليل مثلا إلى مضي هذا المقدار مستمرا كان ذلك كافيا في جعله حيضا، وكذا لو كانت المرأة في أقطار تكون لياليها شهرين وأيامها كذلك أو أكثر فرأت بمقدار ذلك كان حيضا ووجب عليها التحيض، وبعبارة أخرى: إن العرف لا يرى لطلوع الشمس وغروبها دخلا في حيضية الدم كما لا يرى لهما تأثيرا في تطهير البئر بالنزح، ووضع المشمع على الجرح وأمثالها، أو يكون المقام من قبيل الأول بأن يكون للأيام الثلاثة دخل في الموضوع، فليس الموضوع إلا رؤية الدم واستمراره ثلاثة أيام، ومع رؤية يوم وليلتين أو بالعكس لا يصدق أنها رأت ثلاثة أيام، وليس للمقدار اسم ولفظ حتى يستفاد منه ذلك، وإلغاء خصوصية الثلاثة غير ممكن، لأنه لا بد فيه من حكم العرف بذلك وهو غير معلوم، لكن الانصاف أنه لولا مخالفة ما ذكرنا للقوم حيث لم أر احتماله في كلام أحد لكان للذهاب إليه وجه، فتأمل.
لكن الأوجه هو اعتبار الليالي، لأن الظاهر من الأدلة هو اعتبار الاستمرار وأن المراد من قوله " لا يكون دم الحيض أقل من ثلاثة أيام " من حين رؤيته، فيفهم منه الاستمرار ومن الاستمرار دخول الليالي، فكأنه قال: إذا رأت الدم من حين ما رأت ثلاثة أيام يكون حيضا، ففهم دخول الليالي لذلك لا لدخل بياض النهار فيه. وفي مثل التراوح أيضا يفهم ذلك إذا قال " يتراوح ثلاثة أيام " لا لفهم تأثير اليوم فيه ولذا نقول بالتلفيق، بل لفهم الاستمرار من التراوح من حين الاشتغال، ويفهم دخول الليالي