لفهم الاستمرار.
فالأقوى هو الجمود على مقتضى النصوص، مؤيدا بما قلنا سابقا من أن التحديدات الشرعية الواردة لدم الحيض ليست تحديدات للحيض الواقعي - أي للدم المعهود المقذوف من الرحم في أوقات خاصة - بل هي لمعرفية الموضوع الذي هو صنف من الدم المعهود، فلهذا لو علمنا بأن الدم الأقل من ثلاثة أيام هو الدم المعهود لم نحكم عليها بالتحيض ولا تكون حائضا محكوما عليها بالأحكام الخاصة، ومعه لا مجال للعرف لالغاء الخصوصية، وليس حال ثلاثة أيام الحيض حال التراوح مما يمكن فيه إلغاء الخصوصية عرفا، مع أنك قد عرفت في التراوح ما عرفت.
نعم، لو كان التحديد لواقع دم الحيض لكان لما ذكر وجه، لكنه ضعيف مخالف للاعتبار والوجدان، فلا يمكن رفع اليد عن ظواهر الأدلة المتظافرة الدالة على كون أقل الحيض ثلاثة. وعلى ما ذكرنا يرفع الاستبعاد من اختلاف أقل الحيض قلة وكثرة بحسب وقت الرؤية من أول الليل أو أول النهار.
ثم إنه على ما ذكرنا لا إشكال في دخول الليلتين المتوسطتين إذا رأت في أول النهار، والليلة الأولى أيضا إذا رأت أول الليل، والتلفيق إذا رأت بين النهار بحكم العرف وفهمه من قوله " لا يكون الدم أقل من ثلاثة أيام " فإنها إذا رأت أول الزوال إلى أول زوال اليوم الرابع يصدق عرفا أنها رأت ثلاثة أيام، كما أن الأمر كذلك في أشباهه ونظائره. نعم، بناء على مذهب صاحب الحدائق فالظاهر عدم دخول الليل مطلقا، لأن عمدة مستنده المرسلة، وظاهرها أنها لو رأت يوما ثم رأت بعد الانقطاع ما يتم به ثلاثة أيام يكون الدمان حيضا، ولا شبهة في صدق ثلاثة أيام متفرقة بين العشرة على الأيام بغير لياليها. ودعوى إطلاق اليوم على اليوم والليلة ضعيفة مخالفة للعرف واللغة، وإنما فهمنا دخول الليالي من ظهور الأدلة في الاستمرار أو من الوجه الذي سبق، كما أنه على فرض كون المراد من ثلاثة أيام مقدارها يكون المقدار المفروض هو مقدار بياض الأيام، لأنه اليوم عرفا ولغة. نعم، قد يطلق على مطلق الوقت، لكن إطلاقه على اليوم والليلة ليس على نحو الحقيقة، ومع التسليم