بينهما - أي بين دم الحيض ودم الاستحاضة - أي في دم لم يعلم أنه نفاس أو قرحة أو عذرة فأصالة عدم الحيض حاكمة على أصالة عدم الاستحاضة أيضا، لأن المستفاد من الفتاوى بل النصوص أن كل دم لم يحكم عليه بالحيضية شرعا ولم يعلم أنه لقرحة أو عذرة أو نفاس فهو محكوم عليه بأحكام الاستحاضة. وحينئذ فإذا انتفى كونه حيضا بحكم الأصل تعين كونه استحاضة، فتأمل (انتهى) وسيأتي الكلام إن شاء الله في النص والفتوى المدعيين، ومع تسليم ما ذكر لا يجري استصحاب عدم كون الدم حيضا كما مر، ومع الجريان لا يترتب على المرأة أحكام المستحاضة بمجرد جريان أصالة عدم كون الدم حيضا كما يظهر منه ذلك، إلا أن يدعى كشف التلازم الشرعي ببركة النص والفتوى بين عدم كون الدم حيضا وكون المرأة مستحاضة، وعلى المدعي إثبات ذلك. ثم على فرض عدم جريان الأصول الموضوعية تجري الحكمية، وهي مختلقة، ولا داعي إلى البحث عنها بعد قلة الجدوى.
وهل المراد من التوالي هو توالي الأيام وإن لم يستمر الدم فيها بأن ترى في كل يوم في الجملة لكن تكون أيام الرؤية متواليات، فيحمل عليه قوله في الفقه الرضوي " فإن رأت الدم يوما أو يومين فليس ذلك من الحيض ما لم تر الدم ثلاثة أيام متواليات " لصدق رؤية الدم في كل يوم من الثلاثة المتواليات على ما لو رأت في كل يوم منها في الجملة، خصوصا إذا كان مقدارا معتدا به. وعليه تحمل الروايات الكثيرة الدالة على أن أدنى الحيض ثلاثة، أو أدنى ما يكون من الحيض ثلاثة، أو أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام - على اختلاف التعابير - فإن الثلاثة لا يمكن أن تكون محمولة حقيقة على الحيض وأدناه وأقله، بل تكون ظرفا له ذكر حرف الجر أو لم يذكر، فيكون المراد أن أدنى تحقق الدم في ثلاثة أيام، وهو يصدق مع رؤيتها فيها في الجملة. وتشهد له موثقة سماعة.
قال: سألته عن الجارية البكر أول ما تحيض، فتقعد في الشهر يومين وفي الشهر ثلاثة أيام، يختلف عليها، لا يكون طمثها في الشهر عدة أيام سواء، قال: فلها أن تجلس وتدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم يجز العشرة، فإذا اتفق الشهران عدة أيام