تغتسل. هذا إذا كان دمها عبيطا وإن كان صفرة فعليها الوضوء. (1) إما باطلاق قوله وإن لم يجز... " بالتقريب المتقدم، وإما بحمل الصفرة على القليلة والوضوء على المعهود في الصدر، أي يكون عليها الوضوء المذكور لزومه لكل صلاة، وليس عليها الغسل، بل لا منافاة بين التمسكين كما يظهر بالتأمل.
وعلى تلك الروايات يحمل ما ورد في صحيح الصحاف من إيجاب الوضوء عند وقت كل صلاة، خصوصا مع تعارف التفريق بين الصلوات في تلك الأزمنة بحيث كانت الأوقات الخمسة معروفة بين المسلمين. وأما قوله " تحتشي وتصلي الظهر و العصر ثم لتنظر " فلا يقاوم ظهور تلك الأدلة، خصوصا مع تذييله بقوله " فلتتوضأ و لتصل عند وقت كل صلاة " بالتقريب المذكور. وبالجملة مقتضى الجمع بين الأدلة وجوب الوضوء لكل صلاة في القليلة وعدم الغسل.
ثم إن مقتضى عموم تلك الأدلة وإطلاقها عدم الفرق بين الفريضة والنافلة، كانت النافلة من الرواتب أو لا، خصوصا مع تعارف الاتيان بالنوافل في الصدر الأول بل تعارف إتيان صلاة التحية ونحوها. فحينئذ لا وجه لدعوى انصراف الأدلة إلى الفرائض. وأما قضية حرجية ذلك وبناء الشريعة السهلة على التسامح و التساهل فهي غير جارية في النوافل التي لا إلزام في إتيانها، فإن أرادت الوصول إلى الثواب الجزيل تأتي بها مع ما فيها من المشقة فتنال فضيلة أحمز الأعمال.
بل يمكن الاستدلال على المطلوب بأن المتفاهم من الأدلة حدثية دم الاستحاضة في الجملة، فحينئذ نقول: إما أن يكون حدثا ولو اقتضاء بأول حدوثه دون استمراره، أو يكون بوجوده المستمر إلى آخره حدثا بحيث لا تتحقق الحدثية إلا بعد تمام الاستمرار، أو يكون حدثا بحدوثه واستمراره أي يكون كل قطعة و قطرة منه حدثا. لا سبيل إلى الأولين، ضرورة مخالفتهما لما دل على لزوم الوضوء لكل صلاة كما يظهر بأدنى تأمل، فلا محالة يكون حدثا على النحو الثالث، فحينئذ لا محيص عن القول بأن ما دل على العفو أو سلب الحدثية إنما هو بالنسبة إلى القطرات