ثم لو سلم دلالة الأدلة على لزوم التحيض في أول الدورة الأولى فلا دليل على تبعية سائر الدورات لها إلا بعض أمور اعتبارية لا يصلح للاستناد إليه، وإن كان الأحوط ذلك. ولو قلنا بدلالة الأدلة على تعين التحيض في مبدأ الدورة الأولى وأن المتفاهم منها النظم على نهج واحد لا وجه لتقدم العمل بالظن عليها، بل المتعين تقدم العمل بها على الظن كما هو واضح.
الموضع الثاني: لو ذكرت الوقت في الجملة ونسيت العدد فإما ذاكرة لأول حيضها، أو لآخره، أو لوسطه الحقيقي، أو لوسطه الغير الحقيقي، أو ذاكرة لكون اليوم الكذائي بين أيام الحيض أي بين المبدأ والمنتهي، أو عالمة بكون اليوم الفلاني من أيام الحيض في الجملة. وههنا صور كثيرة يعلم حكمها من ذكر حكم بعضها.
وعلى أي حال قد تعلم أن عددها كان مخالفا لما في الروايات وقد لا تعلم ذلك. فإن كانت ذاكرة لأول حيضها ولم تعلم مخالفة عددها للروايات فلا إشكال في لزوم إكماله ثلاثة أيام إذا لم تعلم زيادة عددها عليها، وإلا فبمقدار العلم بالزيادة، لما دل على أن الصفرة والكدرة وما فوقها في أيام الحيض حيض، وأن قليل الدم وكثيره أيام الحيض حيض كله إذا كانت الأيام معلومة. والتقييد بالعلم بالأيام ليس إلا لطريقيته إلى الواقع لا لتقييد واقع الحيض به، فمع العلم بكون اليوم الفلاني أول حيضها يكون الدم فيه دم الحيض بمقتضى إطلاق الأدلة، وأقل الحيض وهو ثلاثة أيام متيقن الحيضية، فيجب عليها إكماله بالثلاثة أو بما فوقها مما تعلم عدم نقصان حيضها منه، وهذا لا إشكال فيه.
إنما الاشكال في ما زاد على العشرة مما تحتمل كونه من عادتها، فقد يقال:
إن مقتضى العلم الاجمالي هو الجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة وغسل الحيض في وقت تحتمل انقطاعه وقضاء صوم عشرة أيام، وهو الذي اختاره المحقق - رحمه الله -. وفيه أولا ما مر مرارا من عدم منجزية هذا العلم الاجمالي بناء على الحرمة الذاتية في العبادات كما هي ظاهر الأدلة، وثانيا على فرض منجزيته ينحل بالاستصحاب، ولا إشكال في جريان استصحاب الحيضية. وما أفاد الشيخ الأعظم