بعدم غمس القطنة، وغمسها من غير سيل، ومع السيل، وبعضهم حمل سائر العبارات على ما يوافق عبارات العلامة، وبعضهم عكس الأمر.
والحق أنه لا وجه لارجاع عبارات القوم إلى فتوى العلامة، ولا يمكن إرجاع بعض عباراته مثل ما في القواعد على عبارات القوم، فإن قوله فيه " إن ظهر على القطنة ولم يغمسها وجب عليها تجديد الوضوء - إلخ - " ظاهر لو لم يكن نصا في أن الثقب والظهور على الكرسف لا يخرج الدم عن القلة ما لم يغمس القطنة.
وكيف كان فالمتبع هو الأدلة، وقد وردت فيها عناوين كالثقب والنفوذ والظهور على القطنة. والثقب وإن كان أعم ظاهرا من النفوذ لكن لا إشكال في كون المراد من العناوين شيئا واحدا هو الثاقب النافذ والظاهر على القطنة سواء غمسها أو لا، فلو نفذ من القطنة ولم يغمسها كانت الاستحاضة متوسطة.
وما قيل إن الدم بنفسه لا يكون بمقتضى العادة ثاقبا إلا بعد إحاطته بأطراف القطنة الملاصقة للباطن، فينفذ فيها شيئا فشيئا إلى أن ترتوي القطنة، فيظهر الدم على الجانب الآخر الملاصق للخرقة، فيكون الثقب ملازما للغمس فيه ما لا يخفى، ضرورة أن القطنة الموضوعة على المحل تكون نقطتها المحاذية لمخرج الدم أسرع انفعالا من سائر أطرافها، ويكون الدم بمقتضى طبعه - خصوصا في المحل مما يكون فيه حرارة الدم محفوظة - نافذا في وسط القطنة وثاقبا لقطرها قبل غمسها و ارتوائها. وتوصيف دم الاستحاضة بالبرودة إنما هو في مقابل الحرقة والحرارة القوية في دم الحيض، وإلا فلا شبهة في عدم كونه كالماء البارد حتى لا يكون نافذا في مثل القطنة.
وكيف كان فملاك القلة عدم الثقب النافذ، والتوسط الثقب النافذ غير السائل، والكثرة الثاقب السائل.