" فإن طرحت الكرسف - الخ - " صريح في أن أحد الأقسام الثلاثة عدم السيلان بعد طرح الكرسف، وهو لا ينطبق إلا على القليلة، ثانيهما سيلانه بعد طرحه، فإنه بملاحظة مقابلته مع الثالث أي ما إذا أمسكت الكرسف سال من خلفه، لا ينطبق إلا على المتوسطة، فإن الدم إذا كان سائلا مع طرح الكرسف وليس سيلانه بحيث إذا أمسكت الكرسف سال من خلفه لا محالة يكون ثاقبا ونافذا، وثالثها ما أفاد بقوله " إذا أمسكت الكرسف يسيل... " فلا إشكال في إفادتها الأقسام الثلاثة موافقا للمشهور. فتحصل أن تثليث الأقسام - مضافا إلى كونه مشهورا شهرة كادت أن تكون إجماعا كما مر - هو مقتضى جمع الروايات وحمل بعضها على بعض، ومقتضى ظهور بعض الروايات أيضا.
ثم إن الدم في مثل صحيحة الصحاف لا ينصرف إلى الحمرة مقابل الصفرة لو قلنا بانصرافه في بعض الروايات، فإن الصفرة في دم الاستحاضة لعلها غالبة نوعية ولهذا جعلت علامة لها وأمارة عليها، بل الانصراف مطلقا محل منع. نعم، إذا ذكرت الصفرة مقابل الدم يكون ذلك قرينة على إرادة الحمرة من الدم المقابل لها، وهذا نظير ما إذا قيل الماء لا ينفعل وإذا كان قليلا ينفعل. حيث يفهم من المقابلة أن الماء في الصدر هو الكثير، وهذا لا يوجب الانصراف إذا لم يكن مقابلا له. فحينئذ يستفاد من الصحيحة وغيرها أن الدم مطلقا ثلاثي الأقسام، ويحمل عليها ما ورد من أن في الصفرة الوضوء خاصة كموثقة سماعة وروايتي قرب الإسناد وصحيحة يونس بن يعقوب، وما ورد من أن فيها الغسل عند كل صلاة، فتحمل الروايات الأولى على القليلة، بل في بعضها إشعار بقلة الدم، والثانية على الكثيرة، فتثليث الأقسام مطلقا كما عليه المشهور مما لا إشكال فيه.
ثم إن عبارات الأصحاب مختلفة في ضابطة الأقسام، فعن جملة منهم التعبير بغير الثاقب في القليلة، وبالثاقب غير السائل في المتوسطة، وبالسائل في الكثيرة، وعن جملة التعبير بغير الراشح، والراشح غير السائل، والسائل، وعن بعضهم بغير الظاهر على الكرسف، والظاهر غير السائل، والسائل، وعن جملة من كتب العلامة