عبد الله عليه السلام طريقه في هذه الرواية، ونبه على طريق الاستفادة واستنباط الأحكام الكلية من السنة، كما هو الطريق المألوف.
ثم إن الظاهر من قول السائل عن الحيض والسنة في وقته هو أن السؤال إنما كان عن السنة في تعيين وقت الحيض لا عن موضوعه ولا عن حكمه، وإنما يصح هذا السؤال في ما إذا اختلط الحيض بغيره ولم يعلم أن الدم الخارج أي مقدار منه حيض وأي الأيام أيامه ووقته، فأجاب بما هو مناسب لشبهته ببيان السنن الثلاث، فهذه السنن كفيلة لرفع الشبهة الواقعة في وقت الحيض في ما إذا اختلط الحيض بالاستحاضة، فبمقتضى سوق الرواية والحصر في السنن الثلاث لا بد من دخول سنن جميع أقسام المستحاضة في الرواية الشريفة، واستفادة حكم جميع حالات المستحاضة منها.
ثم إن الظاهر منها في السنن الثلاث أن إرجاع كل منهن إلى سنة ليس لأجل اختصاص السنة بها، بل لأجل اختصاص مرجعها بها، مثلا إن الرجوع إلى العادة ليس مختصا بذات العادة التي استمر بها الدم مع علمها بعادتها، بل ذات العادة الكذائية لا مرجع لها إلا عادتها كما نص عليه في الرواية، وكذا الحال في السنتين الأخريين، فلا يكون الرجوع إلى التمييز مختصا بالتي اختلط عليها أيامها، بل التي اختلط عليها أيامها ولا يكون دمها على لون واحد وحالة واحدة لا مرجع لها إلا الرجوع إلى التمييز، وكذا الحال في المبتدئة التي سيأتي الكلام فيها في ذيل الحديث.
ثم لا إشكال في أن ذات العادة مع إحصائها أيام حيضها وعدم اختلاط فيها وعلمها بها مرجعها إلى عادتها، ويأتي الكلام فيها في محله، ونحن الآن بصدد بيان السنة الثانية والثالثة. فقوله " وأما سنة التي قد كانت لها أيام متقدمة ثم اختلط عليها من طول الدم فزادت ونقصت حتى أغفلت عددها وموضعها من الشهر... " ففيه احتمالان:
أحدهما أن المراد مما ذكر هي الناسية، فإن طول زمان استمرار الدم صار سببا لغفلتها عن عددها وموضعها من الشهر بعد كون العدد والموضع معلومين لها، و