فتحصل من جميع ما ذكر بعد رد المطلقات إلى المقيدات وتقديم ما حقه التقديم أن الحبلى إذا رأت في أيام عادتها تتحيض مطلقا، وإذا رأت في غيرها إما لأجل عدم كونها ذات العادة أو لأجل رؤيتها في غيرها يجب عليها التحيض مع اتصاف الدم بصفة الحيض من الحمرة أو الكثرة التي تلازم الدفع أو غيرها من الأوصاف، و إذا رأت بصفة الاستحاضة تجعله استحاضة وتعمل عملها.
بقي الكلام في صحيحة الحسين بن نعيم الصحاف، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن أم ولدي ترى الدم وهي حامل، كيف تصنع بالصلاة؟ قال: فقال لي: إذا رأت الحامل الدم بعد ما يمضي عشرون يوما من الوقت الذي كانت ترى فيه الدم من الشهر الذي كانت تقعد فيه فإن ذلك ليس من الرحم ولا من الطمث، فلتتوضأ وتحتشي بالكرسف وتصلي، وإذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدم بقليل أو في الوقت من ذلك الشهر فإنه من الحيضة، فلتمسك عن الصلاة عدد أيامها التي كانت تقعد في حيضها - الحديث - (1).
وهي تدل على ثبوت التحيص برؤية الدم في أيام العادة وقبلها بقليل، وعلى عدم حيضية ما رأت بعد عشرين يوما، وعن الشيخ في النهاية والتهذيب الفتوى بمضمونها، وعن المحقق في المعتبر الميل إليه، وفي المدارك أنه يتعين العمل بها، و هو لا يخلو من قوة لصحة سندها ووضوح دلالتها وحكومتها على أدلة الصفات الواردة في الحبلى، فإن مدلول أدلة الصفات أن الحبلى إذا رأت دما كثيرا أو دما أحمر كثيرا أو دما عبيطا فلا تصلي، فهي تدل على ثبوت الحكم، والصحيحة تدل على نفي الموضوع بقوله " فإن ذلك ليس من الرحم ولا من الطمث " وهذا لسان الحكومة، ويقدم عرفا على ما كان لسانه ثبوت الحكم.
نعم بين الصحيحة وأدلة الأوصاف من غير الباب كصحيحة معاوية بن عمار و حفص بن البختري وما يحذو حذوهما معارضة العموم من وجه، لكن قوة ظهور الصحيحة في مضمونها وبعد حملها على الدم الفاقد للصفات - مع أن الفاقد غير