محكوم بالحيضية كان قبل عشرين أو بعدها، ولا وجه لاختصاص هذا المصداق القليل الوجود بالذكر - يوجب تقديمها على أدلة الأوصاف. وأنت إذا راجعت وجدانك ونظرت إلى الصحيحة وروايات الأوصاف وعرضتهما على الفهم العرفي الخالي عن الدقائق العقلية ترى أن ذهن العرف لا يتوجه إلى كون نسبة الصحيحة مع مقابلاتها عموما من وجه، ولا ينقدح في ذهنك التعارض، بل ترى أن الصحيحة مقيدة عرفا لأدلة الصفات، وهذا هو الميزان لتقديم دليل على غيره، كان بينهما عموم من وجه أو لا، ولهذا يقدم الحاكم على المحكوم ولا يلاحظ النسبة لحكومة العرف بذلك، فميزان تشخيص التعارض والتقديم والجمع هو فهم العرف العام لا الدقة العقلية.
وأما رد الصحيحة بدعوى إعراض معظم الأصحاب عنها وعدم إمكان التأويل في الروايات الكثيرة مع قبولها للتوجيه القريب فلا يبعد أن يكون في غير محله، فإن الاعراض غير ثابت، لأن المحتمل قريبا بل الظاهر من بعض الكلمات أن الأصحاب إنما كانوا بصدد بيان اجتماع الحمل والحيض في الجملة في مقابل أكثر العامة القائلين بعدم الاجتماع مطلقا من غير تعرض لهذه المسألة التي هي من فروع الاجتماع، و المتأخرون لم يردوها لشذوذها وعدم العمل بها بل جمعوا بينها وبين غيرها ورجحوا غيرها وبعضهم عملوا بها، نعم بعض المتأخرين رماها بالوحدة وعدم اشتهار القول بها بل وإعراض الأصحاب عنها، وهو غير ظاهر من المتقدمين الذين إعراضهم مناط الوهن.
وأما عدم إمكان التأويل في الروايات الكثيرة فقد مر عدم إطلاق أكثر الروايات، وما هو مطلق قليل ضعيف الاطلاق، وما هو متعرض للصفات وإن كان مطلقا لكن رواية محمد بن مسلم مرسلة ورواية إسحاق بن عمار مطروحة لعدم العمل بها فلا يبقى إلا صحيحة أبي المغرا، ولا مانع من التصرف فيها خصوصا بعد ما عرفت من الحكومة. وأما القبول للتوجيه فقد عرفت ما فيه بعدما ظهر من مساعدة العرف على الجمع المتقدم.
لكن مع ذلك كله لا تخلو المسألة من إشكال منشأه احتمال الاعراض مع شهادة