المقذوف قبل البلوغ أو بعد اليأس ليسا حيضا حكما بلا إشكال وكلام وإن ثبت كونهما حيضا موضوعا، أي ثبت كونهما الدم المعهود المقذوف بحسب العادة الطبيعية، فلا بد في ثبوت حكم الاستحاضة لهما من قيام دليل على أن كل دم لم يكن حيضا ولو حكما فهو استحاضة حكما، أو إثبات الحكم لكل مستحاضة.
والأخبار الواردة في أبواب الحيض والاستحاضة ليس فيها ما يدل على ذلك غير موثقة سماعة، قال: قال: المستحاضة إذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلاتين. (1) ثم ذكر فيها أقسام الاستحاضة وأحكامها، لكن استفادة الاطلاق منها مشكلة حيث إنها في مقام بيان أقسام الاستحاضة والمستحاضة، فكأنه قال:
المستحاضة على أنواع: منها كذا، ومنها كذا... فاستفادة ثبوت الأحكام لكل مستحاضة حتى في حال الصغر ممنوعة لعدم كون الأحكام للصغيرة، وكذلك بعد الكبر.
وغير رواية العيون عن الرضا عليه السلام في كتابه إلى المأمون: والمستحاضة تغتسل وتحتشي وتصلي، والحائض تترك الصلاة ولا تقضي، وتترك الصوم وتقضي. (2) وهي أيضا في مقام بيان حكم آخر، فإن جعل المستحاضة في مقابل الحائض وأنها كذا وهي كذا يمنع عن الاطلاق، وأما سائر الأخبار فكلها على الظاهر واردة في التي تحيض كأخبار الاستحاضة وأخبار النفاس وأخبار الاستظهار.
لكن يمكن أن يقال: إن الشك في ثبوت أحكام المستحاضة لما بعد اليأس وقبل البلوغ إما لأجل احتمال كون الدم بعد اليأس وقبل البلوغ مهية غير مهية دم الحيض والاستحاضة ويكون مجراه غير مجراهما ولا تكون حقيقته هي الدم الطبيعي المقذوف من الأرحام كسائر الدماء المقذوفة منها، فهو مقطوع الفساد ومخالف للوجدان في بعض مصاديقها، كما لو استمر دم المرأة من ما قبل يأسها إلى ما بعده، فهل يحتمل كونه إلى آن ما قبل اليأس من مجرى مستقل، مقذوفا من الرحم معهودا من النساء، فلما انقضى ذلك الآن تغير المجرى وخرج من مجرى آخر غير السابق