تنكر، لأن ما يوجب الوضوء من الدماء ليس إلا الاستحاضة، فيكشف الأمر بالوضوء عن كونها استحاضة. واحتمال كون الأمر بالوضوء للزوم عمل الاستحاضة عليها ولا يلزم أن تكون مستحاضة والدم استحاضة، بعيد عن فهم العرف والصواب. والانصاف أن العرف بعد ما يرى أن الصفرة جعلت علامة للاستحاضة في الجملة ويرى أن حكم الاستحاضة الوضوء دون سائر الدماء ثم يسمع هذا الحديث لا تنقدح في ذهنه هذه الوساوس، ويفهم من الرواية أن الصفرة أمارة الاستحاضة. نعم، لو ثبت كون الاستحاضة لغة وعرفا هي ما قال الجوهري لم يكن بد عن الالتزام بلزوم ترتيب أحكامها من غير أن يكون الدم استحاضة والمرأة مستحاضة، بل مع احتمال ذلك أيضا يشكل الحكم بهما، لكن معهودية انحصار دم النساء بالثلاثة توجب الكشف المشار إليه آنفا.
ومنها رواية قرب الإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن المرأة ترى الصفرة أيام طمثها كيف تصنع؟ قال: تترك لذلك الصلاة بعدد أيامها التي كانت تقعد في طمثها ثم تغتسل وتصلي، فإن رأت صفرة بعد غسلها فلا غسل عليها يجزيها الوضوء عند كل صلاة وتصلي. (1) ودلالتها واضحة، لأن الوضوء عند كل صلاة حكم الاستحاضة.
ومنها روايته الأخرى عنه عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن المرأة ترى الدم في غير أيام طمثها، فتراها اليوم واليومين، والساعة والساعتين، ويذهب مثل ذلك.
كيف تصنع؟ قال: تترك الصلاة إذا كانت تلك حالها ما دام الدم، وتغتسل كلما انقطع عنها. قلت: كيف تصنع؟ قال: ما دامت ترى الصفرة فتتوضأ من الصفرة و تصلي، ولا غسل عليها من صفرة تريها إلا في أيام طمثها - الخ - (2) والظاهر سقوط شئ أو تقديم وتأخير في الرواية، ولعل الصحيح: قلت: كيف تصنع إذا رأت صفرة؟ قال - الخ - أو: قلت: كيف تصنع ما دامت ترى الصفرة؟ قال: فلتتوضأ من