السنة الثالثة للمستحاضة التي لم تر الدم قط، ورأت أول ما أدركت، واستحاضت أول ما رأت، وغيرها من التعبيرات دليل على عدم الانحصار بما ذكره الجوهري وابن الأثير. نعم، لا تدل هي ولا الصحيحة على إطلاقها على غير استمرار الدم، ولا على الاستمرار مطلقا كالاستمرار قبل البلوغ وبعد اليأس ومنها صحيحة محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة ترى الصفرة في أيامها، فقال: لا تصلي حتى تنقضي أيامها، وإن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت. (1) والظاهر من رؤية الصفرة في غير أيامها حدوثها في غير أيامها سواء كان قبلها أو بعدها. وأما احتمال كون المراد استمرار الصفرة إلى ما بعد أيامها ففاسد، كما أن قوله " توضأت وصلت " ظاهر في أن الصفرة موجبة للوضوء، لا أن ذكر الوضوء إنما هو لكونه شرطا للصلاة، ضرورة أن ظاهر الشرطية دخل الشرط في ترتب الجزاء، مع أن اختصاص الوضوء بالذكر من بين سائر الشرائط يبقى بلا وجه.
وكيف كان فلا إشكال في ظهورها في أن الصفرة مطلقا في غير أيام العادة موجبة للوضوء، وتكون حدثا بصرف وجودها استمرت أو لا، يخرج منها المستمرة إلى ثلاثة أيام مع عدم التجاوز عن العشرة للاجماعات المتقدمة ويبقى الباقي. ولعل ذكر الوضوء دون الغسل مع أن المتوسطة والكثيرة توجبانه لكون الصفرة غالبا غير منفكة عن القلة كما تشهد له بل تدل عليه صحيحة يونس في أبواب النفاس، قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة ولدت فرأت الدم أكثر مما كانت ترى، قال: فلتقعد أيام قرئها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام، فإن رأت دما صبيبا فلتغتسل عند وقت كل صلاة، وإن رأت صفرة فتتوضأ ثم لتصل. (2) حيث جعل الصفرة في مقابل الصبيب أي المنحدر الكثير، مع أنه إطلاق قابل للتقييد.
ثم إن دلالتها على أن الصفرة في غير أيامها أمارة الاستحاضة لا ينبغي أن