إلى ما قبل البلوغ وبعد اليأس، وبالنسبة إلى الأقل من الثلاثة؟ وبالجملة هل تدل على ثبوت الكلية المذكورة في كلام المحقق ومن بعده، وهي أن كل دم تراه المرأة ولم يكن حيضا ولا دم قرح ولا جرح فهو استحاضة، وكذا ما يزيد عن العادة ويتجاوز العشرة أو يزيد عن أيام النفاس وما تراه بعد اليأس أو قبل البلوغ أو مع الحمل بناء على عدم اجتماع الحمل والحيض، وبعبارة أخرى: كل دم ليس بحيض ولا قرح ولا جرح هو استحاضة مع الاتصاف بصفاتها؟ أو يمكن إثبات أن كل دم ليس بحيض و لا نفاس ولم يعلم كونه استحاضة أو قرحا أو جرحا فهو استحاضة مع الاتصاف بصفاتها؟
فلا بد من ذكر ما يمكن أن يستدل به للمطلوب أو بعضه وحدود دلالته حتى يتضح الحال، فنقول وعلى الله الاتكال:
منها صحيحة معاوية بن عمار، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن دم الاستحاضة والحيض ليس يخرجان من مكان واحد، إن دم الاستحاضة بارد، وإن دم الحيض حار. (1) وهي لا تدل إلا على أن الفرق بينهما ذلك، وفي دوران الأمر بينهما يمتاز أحدهما عن الآخر بما ذكر، وأما أن كل بارد استحاضة أو كل حار حيض فلا يستفاد منها. نعم، إذا كان الاحتمال ثلاثيا أو أكثر وكان الدم باردا يحكم بعدم الحيضية، وإن كان حارا يحكم بعدم كونه استحاضة، لظهورها في أن ما كان باردا ليس بحيض فإن صفته هي الحرارة، وما كان حارا ليس باستحاضة. وكذا إذا كان الدوران بين الاستحاضة والجرح مثلا وكان الدم حارا يحكم بعدم كونه استحاضة، ولا يبعد إثبات مقابلها بلازمه.
ومنها صحيحة حفص بن البختري، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام امرأة فسألته عن المرأة يستمر بها الدم فلا تدري أحيض هو أو غيره؟ قال: فقال لها: إن دم الحيض حار عبيط أسود، له دفع وحرارة، ودم الاستحاضة بارد - الخ -. (2) تقريب الاستدلال بها على جعل الأمارة مطلقا سواء كان الاحتمال ثنائيا أو أكثر أنها سألت عمن استمر بها الدم مطلقا، فلا يختص سؤالها بذات العادة أو غيرها، فيشمل جميع