به، بل كل صفة من الأصول مستقلة في الأمارية، لكن بعضها لا ينفك من بعض الصفات، ولا يبعد أن تكون الصفرة غير منفكة عن الفتور والرقة غالبا، والكدرة عن الفساد والبرودة عن الفتور، وقد مر في باب الحيض ما يفيد في المقام، فراجع.
ثم إنه لا إشكال في حصول التمييز بالأوصاف المنصوصة في الحيض والاستحاضة، وأما غيرها كالغلظة والنتن وغيرهما فالأقرب عدم الاعتداد بها، لعدم دليل معتبر عليها. نعم، ورد في الدعائم - كما تقدم - الكدر والغليظ والمنتن، وفي دم الاستحاضة الرقيق، لكن الاعتماد على مثل تلك المرسلة غير جائز.
وما يقال من أن المستفاد من الأدلة كقوله في المرسلة الطويلة " إذا أقبلت الحيضية فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي - الخ - " وقوله " دم الحيض أسود يعرف " وقوله " دم الحيض ليس به خفاء " أن العبرة بمطلق الأمارات المختصة بالحيض غالبا الكاشفة عنه ظنا، من إيكاله إلى الوضوح مع أنه لا يتضح عند العرف إلا بالقوة و الضعف مطلقا لا خصوص ما نص عليه، هو ما ذكرنا.
ففيه ما لا يخفى، فإن قوله " إذا أقبلت الحيضة... " يراد به الكثرة والدفع الواردان في الأمارات، ولا يفهم منه اعتبار مطلق الظن الحاصل بكل وصف، وقوله " أسود يعرف " أو " ليس به خفاء " لا تسلم دلالتهما على ما ذكر بعد عدم إرادة حصول العلم من الأوصاف كما يدل عليه تأخير ذكرها عن العادة، بل لا يبعد أن يكون المراد منهما أن له أمارات شرعية ليس به لأجلها خفاء، ضرورة أن هذه الأوصاف ليست أمارة ولو ظنية عند العقلاء في من استمر بها الدم، فإن الدم المستمر عندهم ليس طبائع مختلفة كما مر مرارا. نعم، قد يكون بعض الأمارات والقرائن في غير من استمر بها الدم موجبا لحصول العلم أو الاطمئنان، وقلما يتفق ذلك في مستمرة الدم التي هي موضوع البحث ههنا. فالتجاوز عن الأوصاف المنصوصة مما لا يمكن الالتزام به.
المقام الثاني في بيان حدود دلالة الروايات الدالة على أمارية الصفات على الاستحاضة، وأنه هل يكون فيها ما يدل على كون الصفات أمارة مطلقا حتى بالنسبة