بملاحظة عطف الاستعجال على الشبق يدل على أن مراده الكراهة الشديدة لا الحرمة. وكيف كان فيدل على المشهور الآية الشريفة، وهي قوله - عز وعلا - " يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويجب المتطهرين " سواء في ذلك قراءة التخفيف والتضعيف، أما الأولى فظاهر، ضرورة أن صدر الآية يدل على أن وجوب الاعتزال متفرع على الأذى، وأن المحيض بما أنه أذى صار سببا لايجابه، وقوله " ولا تقربوهن " ظاهر في كونه بيانا لقوله " اعتزلوا النساء " لا لأمر آخر غير مربوط بالحيض والأذى، فكأنه قال: إن المحيض لما كان أذى فاعتزلوهن ولا تقربوهن حتى يرتفع الأذى ويطهرن من الطمث. وقوله " فإذا تطهرن " تفريع على ذلك، وليس مطلبا مستأنفا مستقلا بشهادة فاء التفريع والفهم العرفي، فيكون معناه إذا صرن طاهرات، على أحد معاني باب التفعيل.
والحمل على الاغتسال أو الوضوء أو غسل الفرج يدفعه السياق والتفريع، و ينافي صدر الآية الذي هو ظاهر في علية نفس المحيض الذي هو أذى في وجوب الاعتزال وحرمة القربان.
وما قيل من أن التطهر فعل اختياري، ويشهد به ذيل الآية، لأن تعلق الحب إنما هو على فعل اختياري، في غير محله إن أريد ظهوره في ذلك، ضرورة أن لصيغة التفعل معاني وموارد للاستعمال بعضها مشهور وبعضها غير مشهور كالمجئ للصيرورة، نحو " تأيمت المرأة " أي صارت أيما، وللانتساب، نحو " تبدى " أي انتسب إلي البادية. والظاهر في المقام بمناسبة التفريع على ما سبق وبما أن الظاهر من الآية أن المحيض هو تمام الموضوع للحكم بالاعتزال وعدم القربان هو كونه بمعنى الصيرورة.
ودعوى عدم تعلق الحب إلا بالفعل الاختياري غير وجيهة، كما ورد " إن الله جميل و يحب الجمال " ولا إشكال في تعلق الحب على أمور غير اختيارية إلى ما شاء الله.
وأغرب من ذلك دعوى كون الطهر حقيقة شرعية للطهارات الثلاث،