أما حمل التطهر على صيرورتها طاهرا فغير بعيد بعد قضاء مناسبة الحكم والموضوع له، فترجيح الشيخ الأعظم كأنه وقع في غير محله.
ثم مع الغض عن دلالة الآية الشريفة فمقتضى عموم الكتاب والسنة أو إطلاقهما هو جواز إتيان النساء في كل زمان، خرج منه أيام المحيض وبقي الباقي تحت العموم أو الاطلاق. ولا مجال للتمسك باستصحاب حكم المخصص كما حقق في محله. خصوصا إذا قلنا إن قوله تعالى " فأتوا حرثكم أنى شئتم " بمعنى متى شئتم.
وأما الاشكال في أصل جريان الاستصحاب بدعوى أن الحرمة منوطة بأيام الحيض أو الحائض وقد أرتفع المناط على كل تقدير بعد الطهر من الحيض فغير وجيه، أما أولا فلأن الموضوع لوجوب الاعتزال وحرمة القربان هو النساء بعلية الحيض، ومع الشك في كون العلة واسطة في الثبوت أو العروض لا إشكال في جريان الاستصحاب، وأما ثانيا فلأنه لو فرضنا أن الحكم تعلق بعنوان الحائض لكن بعد انطباق العنوان على الخارج تكون المرأة الحائض موضوعة له، وبعد ارتفاع صفتها بقي موضوع الاستصحاب وإن لم يبق موضوع الدليل. فمناقشة الشيخ الأعظم في الاستصحاب و تمسكه بأصل الإباحة كأنها على خلاف مبناه في الأصول هذا كله مع قطع النظر عن الأخبار، وأما بالنظر إليها فالحكم أوضح، لدلالة روايات ابن بكير وابن يقطين وابن المغيرة على الجواز صراحة، ففي الأولى التي لا يبعد كونها موثقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا انقطع الدم ولم تغتسل فليأتها زوجها إن شاء. (1) وفي الثانية التي سندها كذلك عن أبي الحسن عليه السلام، قال:
سألته عن الحائض ترى الطهر، يقع بها زوجها قبل أن تغتسل؟ قال: لا بأس، وبعد الغسل أحب إلي. (2) وفي الثالثة التي فيها إرسال عن العبد الصالح في المرأة إذا طهرت من الحيض ولم تمس الماء فلا يقع عليها زوجها حتى تغتسل، وإن فعل فلا بأس به. و