وإنما التكثر لأفرادها لا لنفسها، وعلى الأول يتكرر السبب بتكرر المصاديق دون الثاني.
والتحقيق هو الأول، أما عقلا فواضح لدى أهله، وأما عرفا فلأن العرف أيضا يرى أن كل فرد من أفراد الانسان انسان وكذا سائر الطبائع، ويرى تكرر الانسان وسائر الطبائع بتكرر الأفراد، فزيد عند العرف انسان وعمرو انسان آخر وبكر كذلك، فإذا كان الموضوع لحكم كالحلية طبيعة البيع فكل فرد وجد في الخارج يحكم العرف بحليته لكونه بيعا وليس معنى " أحل الله البيع " أحل الله أفراد البيع لما حقق في محله من أن الطبائع لا يمكن أن تكون مرائي لخصوصيات الأفراد، بل المتفاهم العرفي من قوله " أحل الله البيع " هو كون البيع بنفسه موضوعا، فإذا وجد في الخارج مصداق وجد به طبيعة البيع التي هي الموضوع، وبمصداق آخر أيضا توجد الطبيعة فتصير محكومة بالحلية، وهكذا. فإذا كانت طبيعة المجامعة موضوعة لحكم التكفير وسببا له فكل مجامعة في الخارج عين الطبيعة وتتكرر الطبيعة بتكرره، فيقال:
وجدت مجامعات كثيرة.
والشيخ الأعظم قد أصاب الحق في أول كلامه وحق له أن يصيب، لكنه رجع في آخر كلامه إلى غير ما هو التحقيق، وتبعه المحقق صاحب المصباح في ذلك، فقال:
إن تعليق الجزاء على طبيعة الشرط لا يقتضي إلا سببية مهية الشرط من حيث هي بلحاظ تحققها في الخارج مطلقا في الجزاء، من دون أن يكون لأفرادها من حيث خصوصياتها الشخصية مدخلية في الحكم، ومن المعلوم أن الطبيعة من حيث هي لا تقبل التكرار، وإنما المتكرر أفرادها التي لا مدخلية لخصوصياتها في ثبوت الجزاء، فيكون تحقق الطبيعة في ضمن الفرد الثاني من الأفراد المتعاقبة بمنزلة تحققها في ضمن الفرد الأول بعد حصول المسمى، فكما أنه لا أثر لتحقق الطبيعة في ضمن الفرد الأول بعد حصول المسمى عند استدامته إلى الزمان الثاني كذا لا أثر لتحققها في ضمن الفرد الثاني بعد كونه مسبوقا بتحققها في ضمن الفرد الأول - إلى أن قال - والانصاف أن هذا الكلام قوي جدا.