متكثرا إلا بعلة توجب العهدة للطبيعة بوجود آخر، فلا بد من تقييد الدينار بدينار آخر، وإلا فالدينار لا يمكن أن يقع في العهدة مرتين إلا بتبع وجود آخر، وهو ينافي الاطلاق، وما ذكرنا ههنا لا ينافي ما تقدم منا آنفا من كون الطبيعة قابلة للتكرار، تأمل تعرف.
وأما إذا كان الجزاء من قبيل الحكم التكليفي أي إيجاب التصدق فلأحد أن يقول أن لا معارضة بين الجزاء والشرط، لأن كل فرد من الطبيعة علة لايجاب نفس الدينار، وتصير النتيجة التأكيد في الحكم، ولا يكون التأكيد خلاف الظاهر، لأن الهيئة تستعمل في باب التأكيد في معناها المستعمل فيه أو لا أي معناها الحقيقي، و هو البعث الصادر عن الإرادة الأكيدة، وليس معنى التأكيد استعمال الهيئة في هذا المعنى الاسمي، بل هو أمر انتزاعي من استعمال الهيئة مرة ثانية في ما استعملت أو لا فيه متعلقة بما تعلقت به في الأول، فلا يكون خلاف ظاهر إلا لما قيل من أن التأسيس أولى من التأكيد، وهذا على فرض كونه ظهورا سياقيا لا يقاوم ظهور الاطلاق، هذا.
لكن الانصاف أن العرف بمساعدة الأمور المرتكزة في ذهنه إذا رأى دلالة الصدر على سببية الطبيعة لجميع مصاديقها لا ينقدح في ذهنه أن في تكرر المسبب خلاف ظاهر، من غير فرق بين كون المسبب أمرا وضعيا أو تكليفيا ولا يحمل الأمر على التأكيد، ويكون الصدر عند العرف قرينة على الذيل. ولعل سره هو الارتكاز الذي حصل في ذهنه من العلل الطبيعية كما احتملناه في الأصول وحققنا المسألة بجميع شؤونها فيه. هذا حال مقام الثبوت.
وأما حال الأدلة ومقام الاثبات فالظاهر أن مستند المشهور في أصل الحكم هو رواية داود بن فرقد كما تمسك بها شيخ الطائفة، ولا يبعد أن تكون مرسلة المقنع أيضا إشارة إليها وإن كان يحتمل كونها مرسلة أخرى مستقلة. وكيف كان فالظاهر المتفاهم عرفا منها أن الاتيان في حال الطمث موضوع لحكم الكفارة، وتكون الرواية من هذه الجهة في مقام البيان، ولا يضر عدم ذكر اسم " كان " بالمقصود بعد القطع بأن