إن كانت معتبرة سندا لكن في دلالتها ضعف ومناقشة، لقرب احتمال كون المراد منها أن الأغسال جنابة كانت أو جمعة أو غيرها لا يشترط فيها الوضوء لا قبل ولا بعد، فليست الرواية بصدد بيان حكم الصلاة، بل بصدد بيان حكم الغسل، وأن الغسل هل يتم بلا وضوء، ويجزي غسل الجنابة عن رفع الحدث وكذا غسل الحيض، ويجزي غسل الجمعة عن الوظيفة المستحبة أو يحتاج إلى ضم وضوء قبله أو بعده؟ والشاهد على قرب هذا الاحتمال ذكر قبل وبعد مما يشعر بارتباط بين الوضوء والغسل، وإلا فوضوء الصلاة غير مرتبط بالغسل، فكان على السائل أن يسأل أن الغسل مجز عن الوضوء للصلاة؟ كما في مكاتبة الهمداني، وعليه يمكن حمل الروايات الواردة في أن الوضوء قبل الغسل أو بعده بدعة على هذا المعنى، أي على أن الوضوء لأجل تتميم الغسل قبله أو بعده بدعة. وهو كذلك في جميع الأغسال من غير فرق بين غسل الجنابة و غيره، وهو غير مربوط بإجزاء الغسل عن الوضوء للصلاة.
ويشهد لما ذكرنا ملاحظة سائر الروايات الواردة في هذا المضمار، كصحيحة يعقوب بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن غسل الجنابة فيه وضوء أم لا في ما نزل به جبرئيل؟ قال الجنب يغتسل، يبدأ فيغسل يديه إلى المرفقين قبل أن يغمسهما في الماء، ثم يغسل ما أصابه من أذى، ثم يصب على رأسه وعلى وجه وعلى جسده كله، ثم قد قضى الغسل ولا وضوء عليه. (1) حيث إن الظاهر من سؤاله أن غسل الجنابة فيه وضوء أم لا؟ وأن جبرئيل كيف بين مهية غسل الجنابة وشرح كيفيته؟ أن ما نزل به جبرئيل هل هو مع الوضوء بحيث يكون الوضوء شرطا له أم لا؟ ويشهد لذلك كيفية الجواب، حيث شرع في بيان كيفية الغسل وقال بعد تمام الكيفية " ثم قد قضى الغسل ولا وضوء عليه " أي تم الغسل من غير مدخل للوضوء في تحققه وتماميته، وهو أمر آخر غير إجزاء الغسل عن الوضوء للصلاة، ولو كان السؤال عنه لما كان بهذه العبارة كما أن الجواب لا يناسب ذلك ومثلها صحيحة زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن غسل الجنابة فقال: تبدأ