ففي الأولى: (وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ولكن ورثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر) (1).
وفي الثانية قال: (إن العلماء ورثة الأنبياء، وذلك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا وافرا...) الحديث (2).
بأن يقال: إن مقتضى إخباره ب (أن العلماء ورثة الأنبياء) أن لهم الوراثة في كل شئ كان من شأن الأنبياء، ومن شأنهم الحكومة والقضاء، فلا بد وأن تكون الحكومة مطلقا مجعولة لهم، حتى يصح هذا الاطلاق أو الأخبار.
وتذييلهما بقوله: (ولكن ورثوا العلم) أو (إنما أورثوا أحاديث) لا يوجب تخصيص الوراثة بهما، لعدم استفادة الحصر الحقيقي منهما حتى الثانية:
أما أولا: فلأنهما في مقابل عدم وراثة الدرهم والدينار، فالحصر إضافي.
وأما ثانيا: فلأن الحمل على الحقيقي موجب لمخالفة الواقع، لأن ميراث الأنبياء لا ينحصر بهما، فالزهد والتقوى وسائر الكمالات من ميراث الأنبياء، كما أن الولاية والقضاء منه.