في جعل المنصب، بل المراد أن تكون فتواه على طبق الرواية، ولما كان المتعارف في تلك الأزمنة الافتاء بصورة الرواية (1)، قال: (روى حديثنا).
وأما ثانيا: فلأن الظاهر من قوله: (عرف أحكامنا) هو المعرفة الفعلية، وهي غير حاصلة بجميع الأحكام لغير الأئمة، بل غير ممكنة عادة، فجعل المنصب له لغو فليس المراد معرفة جميع الأحكام، وصرفها إلى قوة المعرفة وملكة الاستنباط، مما لا وجه له، فيجب صرفها - على فرض الدلالة - إلى معرفة الأحكام بمقدار معتد به.
وأما ثالثا: فعلى فرض إمكان المعرفة الفعلية بجميع الأحكام، لا طريق لتشخيص هذا الفقيه، فمن أين علم أنه عارف فعلا بجميع الأحكام؟! فلا معنى للأمر بالرجوع إليه، فلا بد من الحمل على غيره، لكن يجب أن يكون بحيث يصدق عليه أنه ممن روى الحديث، وعرف أحكامهم وهو من عرف مقدارا معتدا به منها، وعليه تحمل صحيحة أبي خديجة (2)