وطيب عنصرها، فلا تفعل يا أمير المؤمنين.
وقال الضحاك بن قيس الفهري: إمض يا أمير المؤمنين فيه برأيك ولا تنصرف عنه بدائك، فانك لو رميته بقوارص كلامك ومحكم جوابك يذلّ لك كما يذل البعير الشارف من الابل، فقال: افعل، وحضرت الجمعة، فصعد معاوية على المنبر فحمد اللَّه وأثنى عليه وصلّى على نبيه وذكر علي بن أبي طالب فتنقّصه، ثم قال: أيها الناس إن صبية من قريش ذوي سفه وطيش وتكدّر من عيش اتعبتهم المقادير، فاتخذ الشيطان رؤسهم مقاعد والسنتهم مبادر فباض وفرخ في صدورهم ودرج في نحورهم، فركب بهم الزلل وزين لهم الخطل وأعمى عليهم السبل، وأرشدهم إلى البغي والعدوان والزور والبهتان، فهم له شركاء وهو لهم قرين «وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاء قِرِيناً» «1» وكفى لهم مؤدباً، والمستعان اللَّه، فوثب الحسن بن علي وأخذ بعضادتي المنبر، فحمد اللَّه وصلى على نبيه ثم قال: «أيها الناس، من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني، فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب، أنا ابن نبي اللَّه، أنا ابن من جعلت له الأرض مسجداً وطهوراً، أنا ابن السراج المنير، أنا ابن البشير النذير، أنا ابن خاتم النبيين وسيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين، أنا ابن من بعث إلى الجن والإنس، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين.
فلما سمع كلامه معاوية غاظه منطقه وأراد أن يقطع عليه، فقال: يا حسن، عليك بصفة الرطب فقال الحسن: الريح تلقحه والحر ينضجه والليل يبرده ويطيبه على رغم أنفك يا معاوية.