قالت زينب بنت فوّاز: «ولم تضحك فاطمة عليها السّلام بعد وفاة أبيها.
قال في الجمان: روى أنّ فاطمة بنت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم أعطت جارية لها صدقة بعد وفاة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وقالت لها: إمضي إلى السوق بها وقولي: من يقبل صدقة بنت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم؟
فمن قبلها فأتيني به، فمضت الجارية إلى السوق وقالت: من يقبل صدقة بنت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم؟ فقال رجل مغربي أنا موضع صدقة آل بيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فأعطته الصدقة» «٢».
قال الخوارزمي: «ولما دفن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم رجعت فاطمة إلى بيتها واجتمع اليها نساؤها فقالت: إنّا للَّه وانّا اليه راجعون، انقطع عنّا واللَّه خبر السّماء ثمّ أنشأت تقول:
إغبر آفاق البلاد وكوّرت | شمس النّهار واظلم العصران | |
والأرض من بعد النبي حزينة | اسفا عليه كثيرة الرّجفان | |
فليبكه شرق البلاد وغربها | ولتبكه مضر وكل يمان | |
نفسي فداؤك ما لرأسك مائلًا | ما وسدوك وسادة الوسنان |
ووقفت على قبره فقالت:
ما ضرّ من قد شم تربة أحمد | أن لا يشم مدى الزمان غواليا | |
صبّت عليّ مصائب لو أنها | صبّت على الأيام صرن لياليا» «١» |
ودخلت فاطمة المسجد وطافت بقبر أبيها وهي تقول:
قد كان بعدك أنباء وهنبثة | لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب | |
انّا فقدناك فقد الأرض وابلها | واختل قومك فاشهدهم ولا تغب | |
قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا | فغاب عنّا فكل الخير محتجب | |
وكنت بدراً ونوراً يستضاء به | عليك ينزل من ذي العزّة الكتب | |
تجهمتنا رجال واستخفّ بنا | اذ غبت عنّا فنحن اليوم نغتصب | |
فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت | منّا العيون بتهمال لها سكب» «٢» |
فاطمة ومطالبتها بحقّها
تقدمت الزهراء سلام اللَّه عليها إلى أبي بكر في مطالبتها بحقّها بثلاث دعاوى:أ- النحلة. ب- الميراث. ج- سهم ذوي القربى.
قال ابن أبي الحديد: «واعلم أنّ النّاس يظنون أن نزاع فاطمة أبا بكر كان في أمرين، في الميراث والنحلة. وقد وجدت في الحديث أنّها نازعت في أمر ثالث، ومنعها أبو بكر ايّاه أيضاً، وهو سهم ذوي القربى» «3».