عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، فقال معاوية: أظن نفسك يا حسن تنازعك إلى الخلافة! فقال: ويلك يا معاوية، انما الخليفة من سار بسيرة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وعمل بطاعة اللَّه، ولعمري انا لأعلام الهدى ومنار التقى، ولكنك يا معاوية ممن أبار السنن وأحيا البدع واتخذ عباد اللَّه خولًا ودين اللَّه لعباً، فكان قد أخمل ما أنت فيه فعشت يسيراً وبقيت عليك تبعاته، يا معاوية، واللَّه لقد خلق اللَّه مدينتين إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب أسماهما جابلقا وجابلسا، ما بعث اللَّه اليهما أحداً غير جدي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، فقال معاوية: يا أبا محمّد، أخبرنا عن ليلة القدر، قال: نعم عن مثل هذا فاسأل، ان اللَّه خلق السماوات سبعاً والأرضين سبعاً والجن من سبع والإنس من سبع، فتطلب من ليلة ثلاث وعشرين إلى ليلة سبع وعشرين، ثم نهض عليه السّلام» «١».
وروى ابن كثير عن محمّد بن سيرين قال: «لما دخل معاوية الكوفة وبايعه الحسن بن علي، قال أصحاب معاوية لمعاوية: مر الحسن بن علي أن يخطب فانه حديث السن عيّ، فلعله يتلعثم فيتضع في قلوب الناس، فأمره فقام فاختطب، فقال في خطبته: أيها الناس لو اتبعتم بين جابلق وجابرس رجلًا جده نبي غيري وغير أخي لم تجدوه، وإنا قد أعطينا بيعتنا معاوية ورأينا أن حقن دماء المسلمين خير من إهراقها واللَّه ما أدري «لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ» وأشار إلى معاوية فغضب من ذلك وقال: ما أردت من هذه؟ قال: أردت منها ما أراد اللَّه منها.
فصعد معاوية وخطب بعده وقد رواه غير واحد وقدمنا أن معاوية عتب على أصحابه» «2».