فقال: يا أبا محمّد، هل تنعت الرطب؟ فقال: أجل، تلقحه الشمال وتخرجه الجنوب، وينضجه برد الليل بحر النهار، قال: يا أبا محمّد هل تنعت الخراءة؟ قال:
نعم، تبعد المشى في فتنة السكوت، ومن سقطات الصمت، قال: ليس هذا أريد، قال: فكأنك انما تريد تخير اللفظ في حسن افهام؟ قال: نعم، قال: انك ان أردت تقرير حجة اللَّه في عقول المكلفين وتخفيف المؤنة على المستمعين، وتزيين تلك المعاني في قلوب المريدين بالألفاظ المستحسنة في الآذان المقبولة عند الأذهان، رغبة في سرعة استجابتهم، ونفي الشواغل عن قلوبهم بالموعظة الحسنة من الكتاب والسنة كنت قد أوتيت فصل الخطاب، واستوجبت على اللَّه جزيل الثواب» «1».
وروى محمّد بن المحسن الكاشاني عن سليم بن قيس، قال: «قام الحسن بن علي بن أبي طالب على المنبر حين اجتمع مع معاوية وأصحابه، فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال:
أيها الناس، ان معاوية زعم اني رأيته للخلافة أهلًا ولم أر نفسي لها أهلًا، وكذب معاوية، أنا أولى الناس بالناس في كتاب اللَّه وعلى لسان رسول اللَّه، فأقسم باللَّه، لو أن الناس بايعوني وأطاعوني ونصروني لأعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها، ولما طمعت فيها يا معاوية، وقد قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم:
وما ولّت أمة أمرها رجلًا قط وفيهم من هو أعلم منه إلّالم يزل أمرهم يذهب سفالًا حتى يرجعوا إلى ملة عبدة العجل، وقد ترك بنو إسرائيل هارون واعتكفوا على العجل وهم يعلمون أن هارون خليفة موسى، وقد تركت الأمة علياً عليه