عليّ وورعه
روى ابن عبد البرّ باسناده «قال معاوية لضرار الضّبابي: يا ضرار صف لي علّياً، قال: اعفني يا أميرالمؤمنين، قال: لتصفنّه، قال: أما إذ لا بدّ من وصفه فكان واللَّه بعيد المدى شديد القوى، يقول فصلًا ويحكم عدلًا، يتفجّر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه، ويستوحش من الدّنيا وزهرتها ويستأنس باللّيل ووحشته، وكان غزير العبرة طويل الفكرة يعجبه من اللّباس ما قصر ومن الطّعام ما خشن، وكان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه وينبئنا إذا استنبأناه ونحن واللَّه- مع تقريبه ايّانا وقربه منّا- لا نكاد نكلمه هيبة له، يعظّم أهل الدّين ويقرّب المساكين، لا يطمع القوي في باطله ولا ييئس الضعيف من عدله، وأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه قابضاً على لحيته يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا غرّي غيري إليّ تعرّضت أم الي تشوقت! هيهات هيهات! قد باينتك ثلاثاً لا رجعة فيها، فعمرك قصير وخطرك قليل، آه من قلّه الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق، فبكى معاوية وقال: رحم اللَّه أبا الحسن كان واللَّه كذلك. فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال: حزن من ذبح ولدها وهو في حجرها» «1».قال ابن أبي الحديد: «قيل لجعفر بن محمّد عليه السلام: انّ قوماًها هنا ينتقصون علياً عليه السلام قال: بم ينتقصونه لا اباً لهم؟ وهل فيه موضع نقيصة؟