تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ١ - الصفحة ٣١٦
كالمحكى عنهم ممن نزهنا كتابنا عن أخبارهم كصاحب الجواري والعذرة إنما كانوا كذلك لفساد مزاجهم بالاخلاط الخبيثة فطلبت المشاكلة كأكل الطين للوحمى وتصريح الشيخ في الشفاء بأن ذلك من تخيل آبائهم عند الانزال حيوانا شأنه ذلك معاضد لما ذكرنا لا أنه سبب مستقل. ثم الرائحة المدركة بهذه الآلة نوعان لا ثالث لهما طيب إما حار كالعنبر أو بارد كالورد. فان قيل قد قررتم في القواعد أن البرد لا رائحة معه فوجب التناقض. قلنا المراد بالبرد الساذج كالحجر لا المركب كالكافور وهذا النوع تختلف أجزاؤه بسيطة ومركبة فليعدل بها طبق المزاج المستعمل كالعنبر والعود البلغمي والآس والصندل الدموي والورد والخلاف الصفراوي والياسمين والنسرين لسوداوي وما ركب من ذلك المزاج كذلك وقد أسلفنا الغوالي والذرائر والطيوب في أبوابها فلتراجع. وأما الرائحة الخبيثة فتفريح النفس بالصون عنها فيكون عدميا ويجب عند ورودها على البدن لمن أراد حفظ الصحة استعمال السعوطات الجواذب كالخل والجندبادستر. واعلم أن في الشم قوة تدرك ما شأنه الادراك بالذوق كالحموضة والمرارة، فيجب استعماله أمام العطريات لتقوية العصب خصوصا عند إرادة استعمال حاد المزاج كالمسك أو جاذب الزكام كالورد فلتحرر هذه المقاييس لكمال اللذة ثم من أجل فوائد الرائحة تحريك الشاهية فإنها تملأ الأعصاب بالهواء لاقبال الجاذبة عليه كفعل فم المعدة عند أخذ الغذاء الطيب على شوق وذلك الهواء يسخن المنى بل الاخلاط كلها فينفصل الماء بنضج صحيح فيهيج ويليها الذكاء وقوة الفهم والحدث والتأمل خصوصا بما شاكل الروح في الغاية كالعنبر قالوا وأشد الأراييح ملاءمة وتفريحا ما كان أصله من الحيوان للمشاكلة كالزباد والمسك كما أن أوفق الأغذية اللحم إلا أنه صرح بخلاف ذلك حيث فضل العنبر على سائر الأراييح، وعندي أن هذا هو الأوجه لان ما أصله دم لابد وأن يتعفن ومن ثم كان أكل المسك يحدث البخار في المعدة وفى الزباد زنخة لا تفارقه إذا تأملت، ويمكن أن يجاب عن هذا بالفرق بين الاكل الواقع إلى البدن بجرمه والشم المصعد الخالص الاجزاء أو المكيف كما حققناه في الفلسفة. وأما استفادتها التفريح من طريق اللمس فمبنى على صحة العصب واعتدال اللحم المجعول عليه عاضدا حابسا لما به قوام التركيب من الغريزية وأفوى موضع دراك للملموسات السبابة ثم الراحة ثم الوسطى وأضعفها الخنصر، هذا وإن هذه الحاسة أكثر الحواس مدركات لأنها تدرك الكيفيات ثم فروع الطبخ من حرق وشى وقلى وخفة ونعومة وتغرية وتخلخل ولين إلى غير ذلك وقد بثت في سائر البدن لكونه بالأعصاب الحسية كما ستراه، ثم اختلفوا في أن المفرح من هذه هل هو مس النعومة أو الملامسة مطلقا أو الملائم منها أو سائر المدركات إذا اشتملت على نسب ملائمة أو المراد من الالتذاذ بها هو الجماع فقط أو إدراك الطعوم من هذه الحاسة خلاف صحة إدراك النعومة مطلقا والجماع لا الطعوم وإلا لم تكن الحواس خمسة، ثم ههنا قسم آخر من أعظم المفرحات بهذه الحاسة وهو التغميز بأكف الجواري الناعمات الحسان إذا تتابعت على البدن بنسب طبيعية تعم العضو من الوجوه الأربعة نزولا وصعودا على نسبة مس الخلط فيه وهو بهذه الكيفية منشط يذهب الكسل وما اجتمع من الخلط ويصفى اللون ويهيج الشاهية في الهرم حتى قال الشيخ لو أنجى من الموت شئ لكان التغميز ويجب أن يصحبه نحو الغوالي والزرائر الطيبة ليعظم بذلك نفعه. فان قيل قد رد هذا الفرع إلى لمس النعومة قلنا نعم ولكن على وجه مخصوص وإلا لم يحسن كون الجماع أيضا مفردا في هذا الباب، وأما الدلك الآني على وفق الأمزجة كبالخشن للمهزول ليجلب الدم إلى ظاهر البدن وتقوية الدلك في السمين
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 المقدمة بحسب ما أسلفناه وفيها فصول: 4
3 فصل في تعداد العلوم وغايتها وحال هذا العلم معها 4
4 فصل ولما كان الطريق إلى استفادة العلوم إما الإلهام أو الفيض المنزل الخ 5
5 فصل وإذا قد عرفت المنزع والدستور في تقسيم العلوم فينبغي أن تعرف أن حال الطب معها على أربعة أقسام 7
6 فصل ينبغي لهذه الصناعة التعظيم والخضوع لمتعاطيها لينصح بذلها وكشف دقائقها 8
7 (الباب الأول في كليات هذا العلم والمدخل إليه 9
8 فصل وإذا كمل البدن مستتما بهذه الأمور صار حينئذ معروض أمور ثلاثة 13
9 فصل ومما يلحق بهذه الأسباب أمور تسمى اللوازم 15
10 فصل ومما يجري مجرى اللوازم الأحوال الثلاثة أعني الصحة والمرض والحالة المتوسطة 15
11 فصل ولما كانت هذه الأمراض قد تخفى على كثير كانت الحاجة مشتدة إلى إيضاحها الخ 16
12 فصل اعلم أن التناول أما فاعل بالمادة والكيفية ذاتا وعرضا وهو الغناء الخ 17
13 (الباب الثاني) في القوانين الجامعة لأحوال المفردات والمركبات الخ 19
14 فصل اعلم أن كل واحد من هذه المفردات والمركبات الخ 19
15 فصل وإنما كان التداوي والاغتذاء بهذه العقاقير للتناسب الواقع بين المتداوي والمتداوى به 20
16 الفصل الثاني في قوانين التركيب وما يجب فيه من الشروط والأحكام 30
17 (الباب الثالث) في ذكر ما تضمن الباب الثاني أصوله من المفردات والأقراباذينات 32
18 حرف الألف 33
19 حرف الباء 65
20 حرف التاء 90
21 حرف الثاء 100
22 حرف الجيم 102
23 حرف الحاء 113
24 حرف الخاء 135
25 حرف الدال 149
26 حرف الذال المعجمة 160
27 حرف الراء 164
28 حرف الزاي 172
29 جرف السين المهملة 185
30 حرف الشين 207
31 حرف الصاد 221
32 حرف الضاد المعجمة 225
33 حرف الطاء المهملة 229
34 حرف الظاء المعجمة 234
35 حرف العين المهملة 235
36 حرف الغين المعجمة 242
37 حرف الفاء 246
38 حرف القاف 253
39 حرف الكاف 265
40 حرف اللام 277
41 حرف الميم 286
42 حرف النون 326
43 حرف الهاء 334
44 حرف الواو 338
45 حرف الياء 340