يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا (قرآن كريم) بسم الله الرحمن الرحيم سبحانك يا مبدع مواد الكائنات بلا مثال سبق، ومخترع صور الموجودات في أكمل نظام ونسق ومنوع أجناس المزاج الثاني نتائج الأوائل، ومقسم فصوله المميزة على حسب الفواعل والقوابل، ومزين جواهره بالاعراض والمجموع بالخواص، وملهم استخراجها بالتجارب والقياس من اخترت من الخواص، فكان ارتباطها بالمؤثرات على وحدانيتك أعدل شاهد، وتطابق كلياتها وجزئياتها على علمك بالكليات والجزئيات ولو زمانية أصح راد على الجاحد، تقدست حكيما علم غاية التركيب فعدله، وواحدا علم أن لا قوام بدون الاستعداد فأتقنه وأصله، فتثليث المئات وتسديس العشرات شاهد بالاتقان، وتنصيف ذلك وتربيعه، وتتسيعه وتسبيعه، وتثليثه وتسديسه، وواحده وتخميسه، ونسبه الصحيحة إلى كل ذرة في العالمين، وتوقيعه في كل تقسيم من الجهتين من أعظم الأدلة على احتياج ما سواك لفضلك، وقصور العقول وإن ذقت عن تصور ساذج لمثلك، فلك الحمد على جوهر نفيس خلص من رين العناصر الظلمانية، بالسبك في فيوض الاجرام النورانية، وعقل تيقن حين شاهد ما أودعت في الحوادث، تنزهك عن الشريك والثالث، وحكم أفضتها على ما تكاثر مزجا فاعتدل، واستخرج بها ما دق في الثلاثة من سر الأربعة على تكثرها وجل، وأجل صلاة تزيد على حركات المخيط وموجات المحيط زيادة تجل عن الاحصاء وتدق عن الاستقصاء على من اخترت من النفوس القدسية لقوام الأدوار في كل زمان، والارشاد إلى منهاج الحق وقانون الصدق في كل عصر وأوان، خصوصا على منتهى النظام وخاتمة الارتباط وانحلال القوام، شفاء النفوس من الداء العضال وكاشف ظلم الطغيان والضلال، صاحب البداية والنهاية والغاية في كل مطلب وكفاية، وعلى القائمين بإيضاح طرقه وسننه وتحرير قواعد شرعه وسننه ما تعاقبت الأسباب والعلل، واحتاجت الأجسام إلى الصحة عند تطرق الخلل.
وبعد، فتفاضل أفراد النوع الإنساني بعضها بعضا أظهر من أن يحتاج إلى دليل وارتقاؤها بالفضل وتكميل القاصرين ولو بالسعي والاجتهاد، وإن لم تساعد الاقدار غنى عن التعليل وأن ذلك ليس إلا بقدر تحصيلها من العلوم التي بها يظهر تفاوت الهمم، وينكشف للمتأمل ترافع القيم.
ولما كان العمر أقصر من أن يحيط بكلها جملة وتفصيلا، ويستقصى أصلها عدا وتحصيلا، وجبت المنافسة منها في الأنفس الموصل للنوع الأوسط إلى النظام الأقدس، ولا مرية أن المذكور ما كثر الاحتياج إليه وعم الانتفاع به وتوقفت صحة كل شخص عليه، وغير خفى على ذي العقل السليم والطبع القويم أن ذلك محصور في متعلق الأبدان والأديان. ولما كان الثاني مشيد الأركان في كل أوان وثابت البنيان بحمد الله وتوفيقه في كل زمان. والأول مما قد نبذ ظهريا وجعل نسيا منسيا