الملك وغايات مطالبه فإذا استعملت بدستور حكمي مع الرياضات الشاقة اشتد الادراك لالتحاقه بالروحانيات فخاطبها يقظة ونفذ في الأشياء أحكاما باهرة هي المعاجز التي خصت بها أهل النفوس القدسية كما أشار إليه في التلويحات وحكمة الاشراق وعاشر أنماط الإشارات؟ ودونها المستثبتة للأشياء في النوم لانتقال الحواس عنها بعد سلامتها فتخلو بمرادها المجرد ومن ثم قال أفلاطون المكان الضيق يوفر العقل على صاحبه ودونهما المستعينة بقسمي الأسماء والرواسخ وهذا هو السحر والكهانة ويختلف كل بصحة الحواس الباطنة والظاهرة فلذلك كانت المفرحات هي ما يصل إلى النفس من هذه الحواس بعد سلامتها، فلنفصل طريق الوصول من كل منها وما يدرك به وكيفية الادراك عند اتفاق الفاعلية والقابلية. فنقول: قد جرت عادتهم في هذه الصناعة أن يقدموا الكلام على ما يصل من طريق السمع لأنه أفضل الحواس عند المعظم من المشائيين والاشراقيين لأنه أجل الألباب في اكتساب الفضائل الدينية قالوا وله دخل في إدراك المبصرات ذوات الاجرام الكثيفة على طريق تخيل لا يعقل إلا بالفعل ولأنه الموصل أيضا إلى تدبر المعاني زاد الاسلاميون ولأنه تعالى قدمه في الكتب السماوية على البصر، فنقول الواصل منه إلى النفس ليس إلا الصوت الحاصل من تموج الهواء الداخل من العصب المجوف كما ستراه في التشريح ثم هو إما مشتمل على شئ من حروف الهجاء أولا والأول هو الكلام المنقسم إلى منثور ومنظوم وكل منهما إلى ما يناسب القوى الغضبية كالشجاعة وسفك الدماء ووصف الخيل والسلاح والملكية كالفضل والعلم والزهد والعفاف والصبر والكرم والحلم، والشهوانية كوصف المحاسن والشعور والقدود والنهود والعشق وما يلزمه والطبيعية وهى أرذل ما ذكر كنفائس المآكل والمشارب والملابس كما أن أفضلها الملكية ولا شك أن الملائم مما ذكر إذا ورد على نفس بينها وبينه نسبة اشتدت عندها الابتهاج والفرح لأنه حقيقة التفريح كما حده بلوغ المآرب وانتفاء المضاد مع كمال الصحة. والثاني ينقسم إلى ثقيل ممجوج سماه المتأخرون الأقرع وهو إما ليبس الهواء الصادر عنه كقرع حجر على حجر جامدين ولو كياقوت في الأصح أو جامد على منطرق وإلى مشتمل على الأساليب الآتي تفصيلها بأجزائها الثلاثة إن شاء الله تعالى في الموسقيرى وهذا يكون إما من فم أو آلة وترية أو شعرية أو معدنية ولا شك أن الثاني بأقسامه أشد لذة لرقته فيمازج الروح في مداخلة العروق فتصفى وألحق به من الأول ما صدر عن النساء اللواتي بلغن الغاية في الدخول ولم يرض المعلم الثاني ذلك بل جعل أصواتهن أعلى مراتب الأول وكان كلامه هو الأوجه، وينقدح في النفس التفصيل وهو أن يقال إن اتسع جرم الآلة أو غلظت أوتارها أو عكست البنوب فضلتها أصوات النساء المشار إليهن وإلا فلا وسيأتى تحقيق هذا ثم إن نوسب بهذه الأصوات والآلات بين النفوس السامعة بطريق طبي كايقاع الرست والعراق والبوسليك والمايه والنوى والعشاق نهارا أو صيفا أو لمحرور لبردها والستة الباقية بالعكس كمل التفريح لا سيما إن ناسب الغناء ما تقدم من ذكر عشق لعاشق وسخاء لكريم وغيرهما وسيأتى في الموسقيرى مزاج كل نغم وطبقاته وكيفية النقرات بالمراتب التسعة ثم يتبعوها بذكر ما يصل من طريق البصر لأنه يليه كما ذكر أو يفضله عند قوم ولا شك أن المدرك به إما متعلق بمجرد الاعراض وهو اللون والضوء أو الأجسام وهو الحركة والقرب والاتصال والكثافة والظلمة والتخلخل ونظائرها أو المقادير المشتركة بين القسمين وهو الشكل والحجم والحسن المعبر عنه عنده بالاتقان الزائد على أصل الصورة والسعة ونظائرها لا الملاسة والخشونة والثقل والخفة إذ ذاك وما شاكله من خواص اللمس. ثم المفرح من هذه المدركات بهذه
(٣١٤)