فقد صلح لهذا العلم، إذ هو صناعة الملوك وأهل العفاف. فان قيل لا ضرر ولا نفع إلا بقضاء الله وقدره.
قلنا مع ما ذكر من الشروط والاحترازات من ذلك كما أرشد إليه صلاة الله وسلامه عليه حيث سئل (أيدفع الدواء القدر؟ بقوله: الدواء من القدر) فرحم الله من سلك سبيل الانصاف، وترك التعسف والخلاف، وأحل كلا محله ومقامه، ولم يتبع آراءه وأوهامه، والسلام.
* (الباب الأول في كليات هذا العلم والمدخل إليه) * اعلم أن لكل علم (موضوعا) هو ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية (ومبادئ) هي تصوراته وتصديقاته (ومسائل) هي مطالبه الحالة مما قبلها محل النتيجة من المقدمتين (وغاية) هي المنفعة (وحدا) هو تعريفه إجمالا. (فموضوع) هذا العلم بدن الانسان في العرف الشائع المخصوص والجسم في الاطلاق لأنه باحث عن أحوالهما الصحية والمرضية (ومبادئه) تقسيم الأجسام والأسباب الكلية والجزئية (ومسائله) العلاج وأحكامه (وغايته) جلب الصحة أو حفظها حالا والثواب في دار الآخرة مآلا (وحده) علم بأحوال بدن الانسان يحفظ به حاصل الصحة ويسترد زائلها على الأول، وأحوال الجسم على الثاني هذا هو المختار، وله رسوم كثيرة استقصيناها في شرح نظم القانون، واختير هذا الحد لدلالة صدره على النظري الكائن لا باختيارنا كالطبيعيات، وعجزه على العملي الكائن به كالنظر فيما يمرض، وقد اتفق علماء هذه الصناعة على أن مبدأ الجزء الأول قسمة الأمور الطبيعية وهى سبعة، وأسقط بعضهم الافعال محتجا بأن الطبيعيات يجب أن تكون مقومة والافعال لوازم، فليست طبيعية لعدم التقويم باللازم، ورد بأن الافعال إما غائية أو فاعلية وكلاهما مقوم للوجود إذ المادي والصوري لا يقومان غير الماهية، وقيل السحنة والألوان والذكورة والأنوثة من الطبيعيات على ما ذكرتم، لتقويمها الوجود، ورد بأنها لم توجد بجملتها في فرد بخلاف باقي الافعال. والأمور الطبيعية سبعة لأنها فرع الأسباب الداخلة والخارجة سواء أثرت بالفعل وهى الصورية أو بالقوة وهى المادية أو في الماهية وهى الفاعلية أو في المؤثر فيها وهى الغائية يظهر ذلك للفطن (أحدها الأركان) وتعرف بالاستقصاءات والعناصر والأصول والأمهات والهيولي باعتبارات مختلفة وهى أجسام لطيفة بسيطة أولية للمركبات وهى أربعة: النار تحت الفلك فالهواء فالماء فالتراب لاحتياج كل مركب إلى حرارة تلطف ورطوبة تسهل الانتفاش وبرودة تكثف ويبوسة تحفظ الصورة وهى في الأربعة على هذا الترتيب أصلية على الأصح وإنما رطب الماء أكثر من الهواء لاعتضاد المعنوية فيه بالحسية وفى الشافي أن الشيخ يرى أصالة برد التراب ولم يعزه إلى كتاب معين وعندي فيه نظر وسنستقصي ما في كل واحد من الكلام في الباب الثالث (وثانيها المزاج) وهى كيفية متشابهة الاجزاء حصلت. من تفاعل الأربعة بحيث كسر كل سورة الآخر بلا غلبة، وإلا كان المكسور كاسرا والثاني باطل وهذا التفاعل بالمواد والكيفيات دون الصور وإلا لزالت عند التغير فلم يبق الماء ماء حال الحرارة أو خلت المادة عن صورة والكل باطل. لا يقال الرطوبة الباقية فيه عند حره صورة لأنه يوجب صورتين في مادة وقد أحالته الفلسفة، وتنقسم هذه الكيفية إلى معتدل بالحقيقة والعقل والفرض والاصطلاح والغرض هنا الأخير ومعناه أن يكون للشخص مزاج لا يستقيم به غيره ويكون هذا الاعتدال في الجنس والنوع والشخص والصنف والعضو بالقياس في الخمسة إلى خارج عن كل كحيوان إلى نبات وداخل فيه كانسان إلى فرس وهكذا وإلى خارج عن الاعتدال إما في واحد كحرارة غلبت على برد مع اعتدال الآخرين وهو أربعة أو في اثنين كحرارة ويبوسة غلبا متكافئين على الآخرين وهو كذلك أيضا لكن المغلوبان تارة يتعادلان وأخرى يغلب أحدهما الآخر، وعد