تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ١ - الصفحة ٣١٨
استخدمت الحافظة ومخيلة مفكرة إذا استخدمت الخيال والأوهمة ومفكرة على رأى. ورابعها الواهمة وموضعها مقدم البطن الأخير وشأنها إدراك المعاني الجزئية كصداقة زيد وعداوة عمرو.
وخامسها الحافظة وموضعها مؤخره وشأنها حفظ ما استحكم فيها، وتتغير بما يرد عليها قاهرا من الاخلاط وأبخرتها فإن كانت رطبة انتقشت الأشياء وزالت بسرعة وصاحبها سريع الحفظ والنسيان أو يابسة فبالعكس وما ساعده الحل من المرتبتين ومن هذه القاعدة يتيسر علاج الشخص ليرد إلى أشرف المراتب أعنى سرعة الحفظ وعدم النسيان والبعد من عكسهما. قالوا: ومن المجرب المعروف في فساد الحافظة أن يدخل الشخص الحمام ثم يمتحن فيه نفسه فان زاد فيه حفظه فالمعاوق له لبرد واليبوسة وبالعكس. قلت وينبغي التفصيل في بيوته والمكث عند الماء يعرف طريان اليبس والحرارة وعكسه الشمس والرمل وهذا لمن لم يجد حكيما وهذه الحواس قد أنكرها جل الاسلاميين والشاهد في إثباتها غاياتها ونقص أفعالها بنقص أعضائها كقلة الحفظ بحجامة القفا آخر القذال عند رأس الدرز السهمي وفساد التصرف بفساد وسط القاعدة والخيال بمقدم الرأس ولا أدرى أي حكم شرعي يبطل إثباتها إلى الآن. ثم التفريح بهذه ينقسم بانقسام ما يدرك بها وحسب ميل النفوس فالتفريح من قبل الحافظة باستحضار الأشياء وقت حاجتها والاستغناء بها عن الدفاتر في موضع لا يمكن استصحابها ومن قبل الواهمة بصحة ترتيب المعاني وفرضها قبل حلولها والمتصرفة من جهة التفكر في دقيق العلوم خصوصا الأفلاك وتراكيبها ومتممات عطارد والجوزهرات وتمثيل كل كوكب وتدويره والدوائر إلى غير ذلك مما سيأتي تفصيله وما أبهج النفس عند استخلاص دقائق الازدياج وحلها وتقويم الأبقطيات والبهت وأحكام الخسوف والكسوف إذا صح حدسها في المساحة والاشكال ثم استخراج دقائق كسورات الحساب مثل أن ألفين وخمسمائة وعشرين تجمع الكسورات المنطقة وما شاكل هذا وأبهج من ذلك تقسيم الكرة وتخيل أجزاء الساعات وابتهاج المخيلة بصحة الحدس في استخراج آلات مخصوصة بصناعات مخصوصة كبعد ما بين النقطتين المتقابلتين على وجه التحقيق بالبيكار فإنه لم يتأت لشخص استخراج ما يعرف به البعد بين ما فرض بينهما ومن ثم قيل إن ابن مقلة مات يوم استخراجه فحين رؤى موته فجأة قال والده تصفحوا آلاته فانى أظنه استخرج شيئا لم يسبق إليه فنظروا فإذا البيكار ولا شك أن شدة الفرح تقتل إذا وردت بغتة وكذا الغم وسرور النفس من قبل الحس المشترك يعم ما ذكر ولذات العلوم أعظم من كل ما عد مستلذا فقد قيل إن العلامة الطوسي كان إذا استخرج دقيقة من دقائق العلوم قام فصفق وقال أين الملوك من هذه اللذات ولو علموها لقاتلونا عليها بالسيوف ومن نزه الله تعالى بصائرهم وصفى أفكارهم فعقلوا حفائق الكائنات مآلا فعدوها عدما محضا إلحاقا لمباديه بغاياته فتعجلوا نبذه ظهريا ومثلوا هذا الظهور طريقا والعمر مسافة أمروا بقطعها إلى أن يصلوا إلى المطالب فجدوا في السفر مخففين بقدر ما في إمكانهم فكان المفرح عند هؤلاء المبالغة في عدم الاعتداد بما في عالم الأغيار حتى قال أجل أساتذتهم للفقر لذات كلذات الغنى وهذه وإن عظمت فلا تخلو من المؤاخذة عند محققيهم وهكذا أهل كل صناعة يكون فرحهم بقدر ما يتوغلون في صناعتهم ومن ثم نقلت عن أهل الحقيقة أمور إذا سمعها بشر لم يعقل صحتها من مكث بعضهم ستين عاما لم يضع جنبه إلى الأرض وبعضهم يقتات بالثمرة شهرا فأكثر فهذه وأمثالها إن لم يعلم الشخص بأن القوى لها غذاء يختلف باختلافها لم يعقل ذلك فإنه لا شبهة في أن نفوسهم لشدة ما بهرها من الحب وجبذها من الشوق وقهرها من العظمة وقفت القوى الطبيعية
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 المقدمة بحسب ما أسلفناه وفيها فصول: 4
3 فصل في تعداد العلوم وغايتها وحال هذا العلم معها 4
4 فصل ولما كان الطريق إلى استفادة العلوم إما الإلهام أو الفيض المنزل الخ 5
5 فصل وإذا قد عرفت المنزع والدستور في تقسيم العلوم فينبغي أن تعرف أن حال الطب معها على أربعة أقسام 7
6 فصل ينبغي لهذه الصناعة التعظيم والخضوع لمتعاطيها لينصح بذلها وكشف دقائقها 8
7 (الباب الأول في كليات هذا العلم والمدخل إليه 9
8 فصل وإذا كمل البدن مستتما بهذه الأمور صار حينئذ معروض أمور ثلاثة 13
9 فصل ومما يلحق بهذه الأسباب أمور تسمى اللوازم 15
10 فصل ومما يجري مجرى اللوازم الأحوال الثلاثة أعني الصحة والمرض والحالة المتوسطة 15
11 فصل ولما كانت هذه الأمراض قد تخفى على كثير كانت الحاجة مشتدة إلى إيضاحها الخ 16
12 فصل اعلم أن التناول أما فاعل بالمادة والكيفية ذاتا وعرضا وهو الغناء الخ 17
13 (الباب الثاني) في القوانين الجامعة لأحوال المفردات والمركبات الخ 19
14 فصل اعلم أن كل واحد من هذه المفردات والمركبات الخ 19
15 فصل وإنما كان التداوي والاغتذاء بهذه العقاقير للتناسب الواقع بين المتداوي والمتداوى به 20
16 الفصل الثاني في قوانين التركيب وما يجب فيه من الشروط والأحكام 30
17 (الباب الثالث) في ذكر ما تضمن الباب الثاني أصوله من المفردات والأقراباذينات 32
18 حرف الألف 33
19 حرف الباء 65
20 حرف التاء 90
21 حرف الثاء 100
22 حرف الجيم 102
23 حرف الحاء 113
24 حرف الخاء 135
25 حرف الدال 149
26 حرف الذال المعجمة 160
27 حرف الراء 164
28 حرف الزاي 172
29 جرف السين المهملة 185
30 حرف الشين 207
31 حرف الصاد 221
32 حرف الضاد المعجمة 225
33 حرف الطاء المهملة 229
34 حرف الظاء المعجمة 234
35 حرف العين المهملة 235
36 حرف الغين المعجمة 242
37 حرف الفاء 246
38 حرف القاف 253
39 حرف الكاف 265
40 حرف اللام 277
41 حرف الميم 286
42 حرف النون 326
43 حرف الهاء 334
44 حرف الواو 338
45 حرف الياء 340