الشكل. وأما انقسام الأمراض من حيث العوارض فكثيرة كانقسامها إلى ممرض بالذات كالسل والعرض كالامتلاء وإلى معد كالجذام وغيره كالاستسقاء وانقسام الأول إلى ما بعدي بالنظر إليه كالرمد وما يحتاج في ذلك إلى مخالطة كالجرب وإلى موروث كالأبنة وغيره كالصمم وإلى ما يؤثر في الولد كالعمى الخلقي وإلى ما لا يؤثر كالنقص العارض وإلى ما يخص عضوا واحدا كالرمد فإنه لا يعدو العين وما يخص جزء عضو كالشرناق فإنه لا يكون إلا في الجفن الاعلى فقط وانقسامه من حيث المزاج إلى ساذجي مختلف يؤلم بالذات فالأصح وفاقا للشيخ. وقال جالينوس الطبيعي يؤلم بواسطة تفرق الاتصال وعليه لا يكون وجعا متشابها ولا الايلام بالبرد في أطراف العضو بل حيث يبرد والتالي باطل فكذا المقدم ثم إن المؤلم من سوء المزاج هو المختلف وهو غير المبطل للمقاومة سواء خص عضوا كالسرطان أو عم كالعفن المحم وقال الطبيب وجماعة المختلف هو العام والمستوى هو الخاص وكيف كان فالايلام للمختلف ثابت على التفسيرين لان الوجع إحساس بالمنافى والمستوى مبطل للمقاومة فلا إحساس معه ولان حرارة المدقوق أعظم من الغب وإلا لم تسخن الصلب مع أن إيلامها أقل ولان البدن يتألم مثلا بملاقاة الماء الحار فإذا تكيف به ألفه واستبرد غيره إذا انتقل إليه أولا حتى يألفه وهكذا ولان التنافي لا يكون إلا من سببين إضافيين وذلك لا يمكن في المستوى إذا تقرر هذا فقد بان أن الأمراض باعتبار المزاج اثنان وثلاثون قسما لأنها إما حارة ساذجة في عضو واحد كالصداع أو في جملة البدن كحمى العفن أو مادية كذلك كالورم الصفراوي في أصبع مثلا والغب وكذا باقي الكيفيات باعتبار الساذج والمادي مع كونه في الافراد والتركيب ثم كل من هذه إما حاد وهو الذي تسرع حركته إلى الانتهاء مع كونه خطرا والمزمن بخلافه ونظر الفاضل أبو الفرج في هذا الحصر بأن حمى يوم سريعة الحركة ولكنها غير خطرة فلا تكون من القسمين فلا يصح الحصر إلا بحذف الخطر وهو سهو ظاهر لان المراد بالخطر في الأغلب كما وقع التصريح به بل قال بعضهم لا حاجة إلى ذكر الأغلب إذ ليس هناك إلا هذه الحمى وهى فرد نادر لا حكم له ثم الفساد إن كان في كمية الاخلاط سمى ما يحدث عنه مرض الأوعية لضرره بها أولا وإلا فمرض القوة وإن كان كل ضارا بكل والاعراض والأمراض تنقسم بانقسام الافعال وقد علمت أنها غايات القوى فتكون طبيعية وحيوانية ونفسية ولا شك أن ضرر العرض بهذه الافعال إما مبطل بعض القوى أو أكثرها أو كلها وهذا شائع في سائر أنواع الافعال لكن جرت عادة بعضهم بتسمية الحار مشوشا والبارد مبطلا وهو اصطلاح لا مشاحة فيه (والحالة المتوسطة) بين الصحة والمرض على الأصح وتكون باعتبار الزمان كمن يمرض صيفا فقط والمكان كمن يمرض في الإقليم الأول مثلا والسن كمن يمرض شابا والعضو كمن يمرض في الرأس فقط والتركيب كضعيف فيه مع صحة المزاج وكما في الناقة فهذه حقيقتها لما عرض من حد الصحة والمرض فلا تكون على هذا التقدير لفظية كما زعمه بعضهم.
* (فصل) * ولما كانت هذه الأمراض قد تخفى على كثير وكانت الحاجة مشتدة إلى إيضاحها شخصية ليتم العلاج على الوجه الأكمل وضعوا لها دلائل تسمى العلامات والاعراض والمنذرات والمذكرات والمبشرات وتدرك بالسمع كالقراقر في الفساد والشم كالحمض في الجشاء والتخم واللون كالصفرة في اليرقان والذوق كملوحة البلغم في غلبة الصفراء واللمس كالحرارة في الحميات، وهذه كلها وما شاكلها تارة تكون عامة كالصفرة في اليرقان وتارة تكون خاصة كتهيج الوجه والأطراف على ضعف الكبد وقد تتقدم المرض بزمن طويل كمن يشرب كثيرا ويبول قليلا فإنه لابد وأن يقع في الاستسقاء إذا لم يكن مدقوقا ولا صفراويا وكمن يحمر بياض عينيه من غير علة فيهما فإنه