تسعة لأنها من فعل الحرارة والبرد والاعتدال في كل من اللطيف والكثيف والمتوسط فالحرارة في اللطافة حرافة والبرد حموضة والعدل دسومة والحرارة في الكثافة مرارة والبرد عفوصة والمتوسط حلاوة والحار في متوسط الكثافة واللطافة ملوحة والبارد فيه قبض والاعتدال فيه تفاهة لكن قالوا إن الشراب ليس فيه ملوحة ولا حرافة ولا مرارة ولا تفاهة كذا قرروه وهو باطل لان فيه حرافة ظاهرة ومرارة معلومة نعم لم نجد فيه ملوحة ولا تفاهة لعدم الاعتدال فيه فتكون أقسامه من جهة الطعم على ما اخترناه سبعة أجودها الحلو وهو في الخمرة الخالصة يحمل من البندقية وأعمالها لا ندري كيف صنعته غير أنه جيد للسوداويين وأنواع الجنون فالقابض لضعاف المعد والهضم فالعفص وأردؤه الحامض وقيل لا حمض في الخمر كذا اختاره الجل وليس بجيد وأكثر ما وجد منها الجامع بين المرارة والحلاوة والقبض فلذلك يفتح بالأولى ويجلو بالثانية ويقوى بالثالثة قيل ولا يوجد منه بسيط في الطعم وإلا لما اقتدر على تناول الكثير منه قال الفاضل العلامة قطب الدين الشيرازي كالعسل يعنى فإنه بسيط لا يقتدر على الاكثار منه وهو كلام باطل لما سبق وكل من هذه بحسب الرائحة إما طيب الرائحة أو كريه وكل إما مسطار حديث إن لم يتعد ستة أشهر أو متوسط إن لم يفت سنة أو عتيق إن لم يفت أربع سنين أو قديم إن فاتها لا إلى نهاية لكن قالوا أجود القديم من خمسة عشر سنة إلى أربعين ثم يتناقص فيعدم نفعه في الثمانين كذا وجد في الفلسفة القديمة فهذه الأنواع الممكن تمييزها بالعقل لمن شاء ولا شبهة في اختلاف الشراب بحسب هذه اختلافا ظاهرا فان تفصيلها يطول بلا طائل فلنذكر من ذلك ما يرشد الصحيح الفهم إلى كل جزئي منها. فنقول: قد وقع الاجماع على أن الشراب إذا كان قديما صار حارا في آخر الثالثة يابسا في آخر الثانية إن كان أصفر أو في الأولى أولا في اليبس وآخرا في الحر وما بينهما أنواعا ودرجا بحسبه وأن الأحمر للأبرد مزاجا وزمنا أوفق ولو في اليوم الواحد وكذا العكس فقس وتأمل تجد الأوفق ثم إنه يمتنع من جهة الغذاء والحركة في كل موضع امتنع فيه أخذ الماء ويسوغ حيث ساغ فهذا حكمه زمنا ومزاجا فاعرفه.
[تنبيه] تجب مراعاة الفصول كما قلنا وكذا الأيام في الفصل الواحد واليوم والساعة كالأمزجة والأسنان والبلدان فلا يستعمل الأصفر منه في وسط النهار صيفا في نحو مكة لشاب وصفراوي ولا الأبيض في عكس ذلك وما بينهما بحسبه ولا الأحمر لدموي وأجود ما استعمل منه بعد هضم بالصفار أولا والصبر بين كل اثنين نحو ساعة وقد حف مجلسه بكل بهيج من المستنزهات الخمس كعود وعنبر وطعام لذيذ وألوان نضرة كالحمرة والممتزجة وفرش أنيقة ومن تلذ معاشرته من صديق ومحبوب وإزالة ما يقبض النفس وأن يكون المجلس نيرا واسعا ذا خضرة ومياه لان القوى تنبسط بتلطيف الاخلاط فتحرك نحو انفعالها فكل قوة صادفت مناسبتها قويت وأتقنت فعلها وإلا انقبضت فأسرع فساد ما توجه نحوها من المادة وكان سببا لضعفها ومن ثم قال الطبيب من شرب وحده ومات فلا يلومن إلا نفسه ومن شرب في مكان مظلم فقد تسبب في العمى ولا يقدر أخذه بكم خلافا لابن جبريل والفارسي والبغدادي فقد قالوا إن حد ما يؤخذ منه ستمائة درهم وقال ابن رضوان أربعمائة وقال قوم التقدير منه بحسب الأمزجة فيأخذ البلغمي ستمائة والسوداوي خمسمائة وهكذا بشرط أن يكون أحمر وإلا روعي النسب والأصح وفاقا للطبيب والشيخ تقديره بحسب الكيف لعموم الأمزجة ونحوها من الطوارئ فما دام الذهن صحيحا والقوى منتبهة والسرور زائدا والعقل حاضرا جاز وإلا فلا ومن هنا يعلم أن صحيح الدماغ أقدر من غيره على تناول الأكثر لان سبب الاسكار انغمار الحواس بالبخار الرطب الهوائي والشراب أكثر المتناولات من ذلك فلذلك هو أطوع